التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين 106}

صفحة 2118 - الجزء 3

  الأول: بتقدير شهادة بينكم شهادة اثنين، ويرتفع (اثنين)؛ لأنه خبر الابتداء.

  الثاني: على تقدير محذوف، بتقدير: عليكم شهادة بينكم، أو فيما فرض عليكم شهادة بينكم، ويرتفع (اثنان) بالمصدر ارتفاع الفاعل بفعله.

  الثالث: أن يكون الخبر (إذا حضر)، ويرتفع بالابتداء، وعلى هذا لا يجوز أن يرتفع «اثنان» بالمصدر؛ لأنه خارج عن الصلة لكونه بعد الخبر، ولكن على تقدير: يشهد اثنان.

  ورفع «آخَرَانِ»؛ لأنه بدل من (اثنان)، «بَينِكُمْ» إذا نون «شهادة بينكم» نصب على الظرف، وإذا أضيف إليه جر بالإضافة، والهاء في (به) يعود على القسم بِاللَّهِ.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في ثلاثة نفر خرجوا تجارًا من المدينة قيل: إلى الشام، وقيل: إلى الحبشة: عدي بن زيد، وتميم بن أوس، وهما نصرانيان، وبُدَيْل مولى العاص السهمي، وكان مسلمًا، واختلفوا في كنية أبيه فقيل: بديل بن أبي مارية، عن الكلبي، وقيل: ابن أبي ماوية، عن عكرمة وابن سيرين وقتادة، وقيل: ابن أبي مريم، عن محمد بن إسحاق، فلما قدموا الشام مرض بديل، وقيل: لما ركب البحر مرض، فكتب صحيفة فيها جميع ما معه وطرحها في وعائه ورفعها ورفع متاعه إلى صاحبيه ليدفعاه إلى أهله، ومات بُديل، قيل: بالشام وقيل: في البحر، فأخذا إناء من فضة منقوشًا بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال، ولم يعلما بشأن الصحيفة، فلما انصرفا إلى المدينة