قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين 106}
  دفعا المتاع إلى أهل البيت، فلما قرؤوا الصحيفة فقدوا الإناء فطالبوهما به فقالا: ما لنا بالإناء من علم، فرفعوا إلى رسول اللَّه ÷ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية عن جماعة من المفسرين.
  وقيل: كان هذا الحكم في رجل توفي وليس عنده أحد من أهل الإسلام في ابتداء الإسلام، والناس كفار، فأبيح شهادة أهل الذمة لذلك، ثم لما كثر المسلمون، وفرض الفرائض نسخ ذلك، عن ابن زيد.
  · المعنى: لما تقدم الأمر بالرجوع إلى ما أنزل اللَّه تعالى عقبه بذكر الأحكام المنزلة، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله، وقيل: أيها المؤمنون «شَهَادَةُ بَينِكُمْ» قيل: هي الشهادة التي تقام بها الحقوق عند الحكام، وقيل: الشهادة بمعنى الحضور، تقول: شهدت وصية فلان، ومنه: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} أ البقرة: ١٣٣، ومنه: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وقيل: هي شهادة إيمان بِاللَّهِ إن ارتاب الورثة بالوصيين كقوله: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ٦}، «بَينِكُمْ» خطاب للمؤمنين الَّذِينَ تقدم ذكرهم في قوله: «يَا أيهَا الَّذِينَ آمَنُوا». «إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ» قيل: حضر أسباب الموت من مرض ونحوه، ونظيره: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} وقيل: يقول في حال الصحة أو المرض: إذا حضرني الموت فافعلوا كذا، عن الزجاج «حِينَ الْوَصِيَّةِ» يعني وقت الوصية «اثْنَانِ» قيل: هما الشاهدان، وقيل: هما الوصيان، وأراد تأكيد الأمر في الوصية، فجعل الوصية إلى اثنين، وعلى هذا الشهادة بمعنى الحضور «ذَوَا عَدْلٍ» أي: أهل عدالة «مِنْكُمْ» قيل: من المسلمين، عن ابن عباس. وسعيد بن المسيب وعبيدة السلماني ويحيى بن يعمر ومجاهد، تقديره: من أهل دينكم يا معشر المسلمين،