التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين 106}

صفحة 2121 - الجزء 3

  · الأحكام: من حمل الآية على الشهادة من المسلمين قال: الآية محكمة، قال الحسن: وعلى الأمة العمل بها إلى يوم القيامة، فيشهد عدلان على الوصية من عشيرته أو من غيرهم، فإن شهدا وهما عدلان أمضى الحكم، ومن حمل الآية على أن قوله: «أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيرِكُم» من أهل الذمة اختلفوا، فقال أبو علي وجماعة: كان ذلك في ابتداء الإسلام ثم نسخ، فكذلك نسخ استحلاف الشهود، فلا تجوز شهادة الذمي، وقال شريح والأوزاعي: شهادتهم في السفر على الوصية جائزة على المسلمين، فإن شهد مسلمان بخلاف ذلك بطلت شهادة الكافرين.

  وفي الجملة في الآية أحكام أربعة:

  أولها: شهادة عدلين.

  وثانيها: شهادة أهل الذمة.

  وثالثها: استحلاف الشهود.

  ورابعها: تخصيص اليمين بوقت ومكان.

  أمَّا الأول: فثابت في الشرع في الأموال والحقوق والحدود ما خلا الزنا فإنه يعتبر أربعة رجال. وهل تقبل شهادة العبيد؟ وأكثر الفقهاء على أنها لا تقبل، وقال داود: تقبل إذا كان عدلاً، وروي عن الهادي نحوه، وشهادة الوالد لولده، والولد لوالده لا تقبل، وعن الهادي تقبل، وهو قول عثمان البتي، وأبي ثور. فأما شهادة الصبيان فلا تقبل بالاتفاق، إلا ما يحكى عن مالك في الشجاج ما لم يتفرقوا، وما لم يطلع عليه الرجال تقبل فيه شهادة امرأة واحدة، وقال الشافعي: يشترط أربع من النساء، وشهادة النساء تقبل في الأموال والحقوق، ولا تقبل في الحدود والقصاص، وعند الشافعي لا تقبل إلا في الأموال، وشهادة الأخرس لا تقبل بالاتفاق بين الفقهاء إلا ما يحكى عن مالك أنها تقبل.