التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين 110}

صفحة 2132 - الجزء 3

  مريم، وابن مريم، موضع (ابن) نصب؛ لأنه نداء مضاف، تقديره: عيسى ابن مريم، كقولهم: عبدَ اللَّه، قال الشاعر:

  يَا حَكَمُ بْن المُنْذِرِ بنِ الجارودِ ... أنت الجَوَادُ ابنُ الجوادِ المحمود

  لك في (الحَكَمِ) الرفع والنصب، وليس في (ابن) غير النصب.

  ويقال: علام عطف «وكهلاً»؟

  قلنا: فيه أقوال:

  الأول: على موضع «تُكَلِّمُ»، تقديره: أَيَّدْتُكَ صغيرًا وكهلاً.

  والثاني: على موضع (في المهد)؛ أي ويكلمهم كهلاً بالرسالة، وقيل: نصب على الحال؛ أي أيدتك في حال الكهولة.

  · النظم: كيف تتصل القصة بما قبلها؟

  قلنا: لأنها من صفة يوم القيامة. كما أن ما قبله من صفتها، ومن خطاب الرسل بالمسألة بالتذكير بالنعمة والتوبيخ لمن يستحق التوبيخ من الأمم، عن علي بن عيسى، وقيل: لما عَرَّفَ القيامة بما وصف به من بعث الرسل عطف عليه بذكر المسيح، و (إذْ) إشارة إلى وقت مستقبل ماض، وهو يصلح للماضي والمستقبل، عن أبي مسلم، وقيل: إنه توبيخ للنصارى يوم القيامة، واحتجاج بأن عيسى ابن مريم، فخاطب عيسى، والمراد قومه كما في قوله: «فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ».

  · المعنى: «إِذْ قَال اللَّه» يعني يقول اللَّه، وقيل: اذكر إذ قال «يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ» إشارة إلى بطلان قول النصارى؛ لأن من يكون له أم لا يكون إلهًا؛ لأنه بمنزلة سائر الأجسام