التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ قال الحواريون ياعيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين 112 قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين 113}

صفحة 2137 - الجزء 3

  التاء، وهو مروي عن علي وابن عباس وعائشة وسعيد بن جبير ومجاهد، وروي عن عائشة قالت: كانوا أعلم بِاللَّهِ من أن يقولوا: هل يستطيع، وإنما قالوا: هل تستطيع أن تسأل ربك، وعن معاذ بن جبل: أقرأني النبي: «هلا تستطيعُ» بالتاء «رَبَّكَ» بالنصب، وقراءة القراء نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة «يستطيعُ» بالياء «رَبُّكَ» بالرفع والإظهار، ومعنى قراءة الكسائي: هل تستدعي إجابة ربك، وأصله: هل تستدعي طاعته فيما يسأله من هذا، عن الزجاج، وقيل: هل تقدر أن تسأل ربك؟ قال: لأن الحواريين لم يكونوا شاكين في قدرة اللَّه تعالى، فأما قراءة الباقين ليس على الشك لكن معناه: هل ينزل أملا؟ كقولك لغيرك: هل تستطيع أن تنهض، يعني هل تفعل، وقيل: إنهم كانوا شاكين، وليس بصحيح؛ لأنه تعالى وصفهم بالإيمان ومدحهم، ومَنْ شك في قدرته تعالى يكفر.

  · اللغة: الاستطاعة والقوة والقدرة من النظائر غير أن أصل الاستطاعة انطياع الجوارح للفعل، ولذلك لا يوصف اللَّه تعالى بأنه مستطيع، ويوصف بأنه قادر قوي.

  والمائدة: الخوان الذي عليه الطعام، لا يسمى بذلك إلا وعليه طعام، وأصل الباب: الحركة، ماد يميد ميدًا إذا تحرك عن الزجاج، ومنه مادَهُ: أعطاه، وسميت.

  المائدة؛ لأنها تميد بما عليها، أي تحركه، وقيل: سميت مائدة؛ لأنها مغطاة، وقيل: فاعلة بمعنى المفعول، أي يميد الآكلون إليها يقال: مادهم يميدهم ميدًا إذا أطعمهم على المائدة، ويسمى الطعام أيضًا مائدة.

  · الإعراب: العامل في قوله: (إذ)، قيل: أوحيت، وقيل: اذكر إذ قال، وكلا الوجهين محتمل؛ لأنه كان في وقت الإيحاء، وهو يذكره به.