التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين 114 قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين 115}

صفحة 2139 - الجزء 3

  قلنا: قد بَيَّنَا أن فيه قولين: منهم من قال: كان هذا في ابتداء أمرهم، وإن ذلك غير صحيح، وأن الصحيح أنهم طلبوا المعاينة والعلم الضروري والتأكيد في الإعجاز.

قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ١١٤ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ١١٥}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر وعاصم: «إني مُنَزِّلُها» بالتشديد، وقرأ الباقون مخففة الزاي، وهما لغتان نَزَّلَ تنزيلاً، وَأَنْزَلَ إنزالاً.

  قراءة العامة: «تكون لنا» بالرفع رَدًّا على الاستقبال، وقرأ عبد اللَّه والأعمش «تكن» بالجزم على جواب الدعاء.

  · اللغة: العيد: اليوم الذي يعود فيه مثل ما كانوا فيه، والأصل عِوْدٌ من عاد يعود، فلما انكسر ما قبل الواو صار ياء، كقولهم: ميثاق، وميعاد، وميزان، وميقات، وقال الخليل: العيد كل يوم مجمع كأنهم عادوا إليه، وقيل: سمي عيدًا لعود كل إنسان إلى قدر منزلته لاختلاف الأحوال والملابس والمطاعم.

  والآية: الدلالة العظيمة البيان، والجمع آيات. ونَزَّل بالتشديد للتكثير والتخفيف مرة واحدة.

  · الإعراب: «تكون» رفع ولم يجزم؛ لأنه في موضع الحال أي كانت لنا عيدًا، أو ستكون لنا