التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون 1 هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون 2}

صفحة 2154 - الجزء 3

  فالأول: كقولهم: الناس ولد آدم. والثاني: الرجل الذي كلمته. وهو رفع على الابتداء، وقيل: قوله: الحمد.

  وقال: لم جاء على صيغة الخبر، والمراد به الأمر؟

  قلنا: فيه أقوال:

  الأول: لتعليم المعنى واللفظ، ولو قال: احمدوا لم يجمع الأمرين.

  الثاني: أنه أبلغ أن يبين؛ لأنه يستحق الحمد على هذه النعم، عمل بها العامل، أو لم يعمل.

  الثالث: لأن تضمن الحجاج بصيغة الخبر أولى به؛ لأن البرهان يشهد بمعنى الخبر، «وأجلٌ» رفع على الابتداء.

  · النزول: قيل: قال المشركون: يا محمد، من ربك؟ فقال: «الذي خلق السماوات والأرض»، فكذبوه، فأنزل اللَّه تعالى هذه السورة، بدءًا بالحمد له، وبذكر الأدلة على توحيده من صنعه.

  · المعنى: «الْحَمْدُ» يعني حسن المحامد كلها «لِلَّهِ» والحمد يكون ابتداء فيحمد بصفاته العلى، وقد يكون عقيب نعمة، فيكون شكرًا، ولما كان جميع النعم أصولها وفروعها منه تعالى، وله الصفات العُلا كان جميع المحامد له، وجميع الشكر له.

  ومتى قيل: لم افتتح سورًا بالحمد؟

  قلنا: لأن في كل واحد منها في موضعه فائدة لا ينوب غيره عنه. وقيل: ذكرها هنا لما احتج على الَّذِينَ كفروا بربهم يعدلون «الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرضَ» يعني اخترعها في ستة أيام، قيل: خلق السماوات في يومين: الأحد والاثنين، والأرض في