قوله تعالى: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون 1 هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون 2}
  يومين: الثلاثاء والأربعاء، وما بينهما في يومين: الخميس والجمعة. «وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ» قيل: الليل والنهار لتسكنوا فيه، ولتبتغوا من فضله عن الواقدي والسدي وجماعة، وقيل: الجنة والنار، عن قتادة، وقيل: أراد سائر الأنوار والظلم.
  ومتى قيل: لم جمع الظلمات ووحد النور؟
  فجوابنا: لأن النور مصدر، فيصح أن يراد به الجمع، وقدم الظلمات في الذكر؛ لأنه خلق السماء قبل الأرض، وخلق الظلمة قبل النور، عن قتادة.
  «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» جحدوا الحق «بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ»، وقيل: هم عَبَدَةُ الأوثان، عن الحسن وقتادة والسدي وابن زيد، وقيل: جميع الكفار، وهو الظاهر «بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» يسوون به غيره، بأن جعلوا له أندادًا، عن قطرب وغيره، وقيل: الباء بمعنى (عن)؛ أي يعدلون عن ربهم، يعني يميلون وينحرفون، عن النضر بن شميل، وهذا تعجيب من اللَّه لخلقه من فعلهم، ووجه التعجيب: أنهم مع اعترافهم أن أصول النعم منه، وأنه الخالق الرازق عبدوا غيره، ونقضوا ما اعترفوا به، وقيل: لأنهم عبدوا ما لا ينفع ولا يضر، وتركوا عبادة من ينفع ويضر، وقيل: لأنهم مع كثرة البراهين والدلائل وظهور الحجج تركوا ذلك «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ» يعني آدم خلقه من طين وهم أولاده، عن الحسن وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد، وقيل: إن أجزاء الطين باقية فيه، وإنما تختلف عليه الأعراض، فإذا زايلتها الأعراض عادت طينًا كما كان، وعن السدي: بعث اللَّه جبريل، فأخذ التراب من وجه الأرض، فخلط الحمراء والسوداء والبيضاء وعجنها بماء العذب والملح، فلذلك اختلف ألوان بني آدم وأخلاقهم، وعن النبي ÷: «أنه خلق آدم من تراب وجعله طينًا، ثم تركه حتى كان حمأ مسنونًا، ثم خلقه وصوره حتى صار صلصالاً، ثم نفخ فيه الروح ثُمَّ قَضَى» أي: كتب وقدر «أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ» قيل: أجل الحياة إلى الموت، وأجل الموت إلى البعث، عن الحسن وقتادة والضحاك، وقيل: أجل انقضاء الدنيا، وأجل مسمى عنده لابتداء الآخرة، عن ابن عباس ومجاهد والحسن بخلاف، وقيل: أجل الدنيا وأجل الآخرة، عن سعيد بن جبير ومجاهد، وقيل: قضى أجلاً يعني النوم، وأجل مسمى الموت،