قوله تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون 8 ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون 9 ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون 10 قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين 11}
  الإنس أو من الملائكة، عن أبي مسلم «وَلَلَبَسْا عَلَيهِمْ مَا يَلْبِسُونَ» يعني لو فعلنا ذلك لكنا قد لبسنا عليهم كما يلبسون على أنفسهم، عن الأصم وأبي علي، وقيل: كما يلبسون على أنفسهم، عن الأصم وأبي علي، وقيل: كما يلبسون على ضَعفتهم، عن الزجاج. وتحقيق الكلام: لو فعلنا ذلك لصار فعل اللَّه نظير فعلهم في التلبيس والقبح، تعالى اللَّه عن ذلك.
  ومتى قيل: أليس أضاف التلبيس إلى نفسه؟
  قلنا: بلى، ومعناه أنه قادر على ذلك، ولكن لا يفعل لقبحه، ونظيره: لو قال قائل: لو عاقب غير المستحق كان ظالمًا فعلقه بشرط، لا أنه فعله.
  ومتى قيل: كيف يكون تلبيسًا لو نزل الملك بصورة الإنس؟
  قلنا: كانوا معتقدين أنه من الإنس، وليس كذلك، ولبسهم أنهم يقولون لضعفهم: إنهم بشر مثلكم.
  «وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ» هذا تسلية لرسول اللَّه ÷، أي لا تَعْجب منهم إن كفروا بك، فقد استهزئ برسل من قبلك كما فعل هَؤُلَاءِ بك، وإنما كان ذلك تسلية؛ لأن الشركة في المحنة تخفف وتسلي «فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا منهم» أي حل بهم، عن عطاء والأصم، وقيل: حق بهم ووجب، وقيل: أحاط، عن الضحاك. «مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون» يعني حل بهم العذاب الذي كانوا يوعدون به، وهم يستهزئون به، وهو عذاب الاستئصال، وقيل: حاق بهم عاقبة استهزائهم، وقيل: جزاء استهزائهم ووباله. «قُلْ» يا محمد «سِيرُوا فِي الأَرْضِ» فانظروا إلى آثار الأمم الهالكة «كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» أي عاقبة من كذب الرسل نحو عاد وثمود وقوم نوح وقَوم فرعون، وأخبارهم مشهورة، وآثارهم بينة.
  · الأحكام: يدل أول الآيات على اللطف؛ لأنهم لما اقترحوا الآيات بين أنه لو أنزل ثم كفروا لجاءهم العذاب.