التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون 12 وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم 13}

صفحة 2168 - الجزء 3

  وتدل على أنه لا يفعل القبيح؛ لأنه لو أنزل ملكًا على صورة بشر لكان تلبيسًا، فإذا نفى عن نفسه التلبيس لا يجوز أن يخلق التلبيس ولا يريده، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على أن المصالح لا تقف على اختيار المكلف، وفي الآيات تحذير عن العصيان، وأن ينزل بهم ما نزل بالأمم قبلهم.

قوله تعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٣}

  · اللغة: كتَبْتُ الكتاب أكتبه، وهو من الجمع، والكتاب: القدر، قال الجعدي:

  يَا بِنْتَ عَمّي كتابُ اللَّه أَخْرَجني ... عَنْكُمْ وهَلْ أَمْنَعنَّ اللَّهَ مَا فَعَلا

  والكتْبُ: الخَرْزُ؛ لأنه يجمع واحدها: كُتْبَة، ومنه قيل للقطعة المجتمعة من الجيش: كتيبة.

  والخُسْر والخسران: ذهاب رأس المال، نحو: كفر وكفران، وخسرت الشيء وأخسرته: نقصته، وخسرت في البيع.

  والسكون: أصله من سكن يسكن سكونًا، والسَّكْن بسكون الكاف: أهل الدار؛ لأنهم يسكنون فيها، والسَّكَن بفتح الكاف: كل ما سكن اللَّه، ومنه السكنى، ومنه: السكين؛ لأنه يسكن حركة المذبوح، والسكون والحركة من جنس الأكوان عند أبي هاشم وغيره يقول: هما جنسان.