قوله تعالى: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون 12 وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم 13}
  · الإعراب: اللام في قوله: «لمن» لام الملك، وفي قوله: «ليجمعنكم» لام القسم، والنون فيه نون التأكيد.
  ويقال: ما موضع «ليجمعنكم» من الإعراب؟
  قلنا: قيل: لا موضع له على تقدير الاستئناف، والقسم الثاني يكون موضعه نصبًا ب «كتب» كأن في قوله: «كتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ»، وذلك أنه تفسير الرحمة بالإمهال إلى يوم القيامة، عن الزجاج.
  وقوله: «الَّذِينَ خَسِرُوا» قيل: محله نصب على البدل من الضمير في «ليجمعنكم» عن الأخفش، وقيل: موضعه رفع بالابتداء، وخبره: «فهم لا يؤمنون»؛ لأنه يجمع الجميع إلى يوم القيامة، عن الزجاج.
  · المعنى: ثم عاد الكلام إلى الوعد والوعيد والدلالة على قدرته تعالى على ذلك، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ الكفار: «لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» وملكهما وخلقهما وحفظهما «قُلْ لِلَّهِ» يعني إن لم يجبك هَؤُلَاءِ فقل أنت: لله؛ أي ملكهما له، والتصرف كيف يشاء، فنبه بأن العبادة تحق لمن له ملكهما وخلقهما.
  ومتى قيل: فأي فائدة أن يسأله أولاً ثم يجيب هو أيضًا؟
  قلنا: لأن السؤال يحث النفس على الطلب، فيكون الجواب بعده أشد تقريرًا في النفس.
  «كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» كتب: أوجب، واختلفوا في معنى الرحمة، فقيل: معاشهم عن الأصم؛ لأنه يرزقهم أطاعوا أم عصوا، وقيل: نِعَمُهُ بالخلق والإحياء والحواس والتمكين والشهوات والمشتهيات، وقيل: الرحمة يوم القيامة على المؤمنين والتوابين، وقيل: كلف وكتب بذلك الرحمة على نفسه لينتفعوا به، فإن كفروا فمن