قوله تعالى: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون 12 وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم 13}
  نعمه في السكون أكثر والراحة فيه أعم، ولأن الثقيل سكونُه حتى لا يهوي أعجب في القدرة من الهوي بخروجه عن الحالة الطبيعية، وقيل: أراد الساكن والمتحرك، إلا أن العرب قد تذكر أحد وجهي الشيء وتحذف الآخر؛ لأن الأول نبه على المحذوف، كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} والمراد الحر والبرد.
  ومتى قيل: لماذا ذكر السكون والحركة من بين سائر المخلوقات؟
  قلنا: لما فيه من التنبيه على حدث الأجسام وإثبات الصانع وصفاته؛ لأن كل جسم لا يخلو من الحركة والسكون، وهما محدثان، فلا بد من مسكن ومحرك لاستواء الوجهين في الجواز.
  ولما نبه على إثبات الصانع عقبه بذكر الصفة فقال: «وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» السميع الذي على صفة يصح أن يسمع المسموع إذا وجد، وهو كونه حيًّا لا آفة به، وذلك يوصف به لم يَزَلْ، والعليم بوجوه التدابير في خلقه، وبكل شيء من المعلومات.
  · الأحكام: قوله: [«لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»] يدل على أنه لا يستحق العبادة سواه من حيث هو الخالق المالك الرازق المدبر.
  ويدل قوله: «كتَبَ» أنه أوجب الرحمة، فيبطل قول من يقول: لا يجب عليه شيء، ويدل على أنه بما فعل التزم الرحمة.
  وتدل على ما نقوله بأنه بالتكليف التزم التمكين والإلطاف والإنابة، وتكفل برزق الأحياء.
  ويدل قوله: «وله ما سكن» على عظم نعمه بالسكون وبالليل والنهار.
  وتدل على أنه يملك تصريف كل ذي قدرة ومتصرف؛ لأنه الموصوف بأنه يسكن في الليل والنهار.