قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون 21 ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون 22}
  · المعنى: ثُمَّ بَيَّنَ تعالى عظيم خيانتهم وما يلزمهم من التوبيخ، فقال سبحانه: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا» أي لا ظلم أعظم مِنْ ظُلْم مَنْ يكذب على اللَّه، ولا عقوبة أعظم من عقوبته، وقيل: المراد به النبي ÷ كيف يفتري على اللَّه الكذب فيما شهد به وهو نبي، والافتراء أعظم الذنوب؟ عن أبي مسلم، وقيل: أراد الكفار الَّذِينَ كفروا؛ أي لا أحد أظلم منهم في افترائهم الكذب في جحد نبوته، والمفتري: قيل: من تعمد الكذب، وقيل: من أضاف إليه ما لا يليق به من الفواحش، وكلاهما يفتريان، فإنهم علموا أن محمدًا رسول اللَّه، ثم لبسوا وجحدوا، «أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ» قيل: حججه، وقيل: القرآن، وقيل: الدِّين، عن الحسن.
  ومتى قيل: المفتري والكاذب واحد فلم جمع بينهما؟
  فجوابنا: أن المكذب بالآيات قد يكذب بالحجج، والمفتري من يكذب عنادًا.
  «إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» يعني من ظلم نفسه بمعصية اللَّه، فلا يظفر ببغية من الخير؛ لأنه يستحق العقوبة «وَيوْمَ نَحشُرُهُمْ جَمِيعًا» أي يوم القيامة يجمعهم، وقيل: من تقدم ذكره من الكفار، قيل: الخلق كلهم، وقيل: العابد والمعبودون، «ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا» على وجه التهجين والتوبيخ «أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» أنهم آلهة تعبدونها لا تغني عنكم شيئًا؟ وقيل: أين شفاعة شركائكم الَّذِينَ كنتم تزعمون أنها تنفعكم، وإنما أضاف الشركاء إليهم؛ لأنهم أثبتوها شركاء، واعتقدوا على غير صحة، وقيل: لأنهم أثبتوا للأصنام ملكًا، وقيل: لأنهم شاركوهم في أموالهم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الظلم غير مقصور على الإضرار بالغير، بل يكون الإضرار