قوله تعالى: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين 23 انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 24}
  وقال الزجاج: يجوز أن تكون «إلا أن قالوا» في موضع (إلا أن مقالتهم) فتؤنث لذلك، فأما الياء فوقعت على القول وهو مذكر، فأما «فتنتهم» فمن نصب جعلها خبر (كان)، ومن رفع جعلها اسم (كان)، فالأول تقديره: ثم لم يكن قولهم فتنتهم إلا أن قالوا، كقولك: ما كان إلا قائمًا زيد، والنفي أولى بالخبر، وقرأ حمزة والكسائي: «واللَّه رَبَّنَا» [بنصب] الباء على النداء؛ أي: واللَّه يا ربنا على وجه الجواب، وكسر اسم اللَّه على القسم، وقرأ الباقون بكسر الباء على أنه صفة لله تعالى، وعن عكرمة «واللَّه ربنُّا» برفع الباء، على الابتداء والخبر.
  · اللغة: الفتنة: أصله الاختبار، وقيل: الخلاص، يقال: فتنت الذهب بالنار: امتحنته، وقيل: خلصته، يقال: فتنه وأفتنه، وأنكر الأصمعي أفتن، وقَلْبٌ فاتن؛ أي مفتون.
  وقال الخليل: الفتن: الإحراق، والفتان: الشيطان.
  والنظر على وجهين: بالقلب وهو الفكر، وبالعين وهو تقليب الحدقة نحو المرئي التماسًا لرؤيته مع سلامة الحاسة، وفي الأول له - بكونه ناظرًا - حالة، ولا حالة بالثاني؛ لأنه فعل، وليس للفاعل بكونه فاعلاً حالة، والحد الجامع أنه طلب إدراك الشيء بوجه من وجوه الطلب إلا أنه ينتقض بطلب إدراك الحرارة والبرودة بمحل الحياة.
  · الإعراب: «انظر» صيغته الأمر، والمراد التنبيه على حالهم، وعامل الإعراب في قوله: «كيف» قوله: «كذبوا»، ولا يجوز أن يعمل فيه «انظر»؛ لأن الاستفهام يعمل فيه ما بعده، ولا يعمل فيه ما قبله؛ لأن له صدر الكلام، فيقطع الخبر والاستخبار.
  فإن قيل: لم قيل: «كَذَبوا» والمعنى يَكْذِبُون؟
  قيل: لأنه تصديق الخبر بمنزلة الواقع، وقيل: لأنه لما مضى الخبر به كان بمنزلة الواقع.