التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين 23 انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 24}

صفحة 2189 - الجزء 3

  · النزول: قيل: نزلت الآية في المنافقين جَرْيًا على عادتهم في الدنيا، عن الحسن.

  وقيل: هو على عموم الكفار وهو الصحيح؛ لأنهم تبرؤوا مِن الشرك ظاهرًا وباطنًا.

  · المعنى: ثم بَيَّن تعالى جواب القوم عند توجه التوبيخ عليهم فقال سبحانه: «ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ» قيل: خلاصهم، عن أبي مسلم يعني المحنة التي يتوهمون أنهم يتخلصون بها، وقيل: معذرتهم، عن قتادة وأبي علي، وسميت فتنة؛ لأنها عن الفتنة التي كانت في الدنيا، وقيل: عاقبة فتنتهم بالشركاء، كما يقال: لم تكن صحبتك لفلان إلا وبالاً، وتقديره: لم تكن فتنتهم إلا التبرؤ منها بهذا القول، عن الزجاج، وقيل: لم يكن افتتانهم بالشركاء في الدنيا إلا انتفاءه عنهم في الآخرة، عن الأصم «وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ» قيل: أرادوا ما كنا مشركين عند أنفسنا، وكنا نظنهم أربابًا، فلم يكن اعتذارهم إلا هذا، عن أبي علي وهو الوجه، وقد جرت العادة أن من يوبخ على فعل فيقول: كنت أظنه حقًّا، ونحو ذلك، وقيل: إنهم كذبوا في جواب قوله: «أَيْنَ شُركائِي»، وقيل: إنما قالوا ذلك لعظيم ما يعلمون من الأقوال، وما ينالهم من الدهش والذهول لا عن عمد، عن أبي بكر أحمد بن علي «انظُرْ» يا محمد «كيفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ» في الدنيا بقولهم: إنا مصيبون في قولنا: إنا غير مشركين عن أبي علي وهو الوجه؛ لأن أهل الآخرة مُلْجَؤُونَ إلى ترك الكذب، وقيل: كذبوا في الآخرة ومكنوا؛ لأنه حال ذهول ودهش كما يمكن الصبي، وليس يقع على الحد الذي يقع من العاقل المجتمع الذهن، عن أبي بكر أحمد بن علي، وقيل: قال: «كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ»، ولم يقل: كذبوا في خبرهم، فأراد أنهم أطمعوها في أماني كاذبة، ولم يكن من ذلك