التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون 26}

صفحة 2195 - الجزء 3

  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ فلذلك وصفهم بأنهم لا يعلمون.

  وتدل على قبح الجدال بالباطل.

  وتدل على أن تلك الأقوال والأفعال من جهتهم؛ فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.

قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ٢٦}

  · اللغة: النهي: الزجر عن الفعل، وهو قول القائل لمن دونه: لا تفعل، ويصير نهيًا بكراهة المنهي عنه، كما يصير الأمر أمرًا بإرادة المأمور به، وأصل النهي: النهاية، وهو آخر الحد، والنهي آخر عن تجاوز الحد، ومنه: النهي: الغدير، الذي ينتهى إليه السيل، والإنهاء: الإبلاغ؛ لأنه اتصال الشيء إلى نهايته، والنُّهية: العقل لأنه على نهاية الزجر عن القبيح، والجمع: النُّهى.

  والنَّأْي: البعد، نأيت عنه أنأى نأْيًا، وأنأيته: باعدته، ويُقال: نأيته بمعنى نأيت عنه.

  والشعور: العلم بالمعنى من جهة المشاعر، ومنه سمي الشاعر يقال: شعر يشعر شعورًا، ولا يوصف اللَّه تعالى بذلك، وإن وُصِفَ بكونه عالمًا كما لا يوصف بكونه فقيهًا وبأنه كَيِّسٌ، وإن كان المعنى صحيحًا إذا وصف بأنه عالم بذلك الشيء.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في كفار مكة، عن محمد بن الحنفية والسدي والضحاك.

  وقيل: نزلت في كفار قريش، عن مجاهد، كانوا يكذبونه، ويمنعون غيرهم من الإيمان به.

  وقيل: نزلت في أبي طالب كان يمنع الناس من أذى النبي، ÷، ولا يتبعه عن عطاء ومقاتل، وروي نحوه عن ابن عباس.