قوله تعالى: {وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين 29}
  التكذيب. أما على قراءة من قرأ بالرفع فلا نكذب ولا نؤمن خبران فكذبوا فيهما، وعلى قراءة من قرأ بالنصب: إن رُدِدنا لم نُكَذب، فهو بمعنى الخبر، وقيل: قالوا القولين، فكذبوا في أحدهما، وقد بينا أنه لا يجوز أن يكذبوا في الآخرة، والوجه ما بَيَّنَّا من قبل.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الكافر يتمنى في الآخرة الرد إلى الدنيا والإيمان، وذلك يدل على أن تمني ما لا يكون يحسن ويقبح.
  وتدل على أن الإيمان فعلهم، وأنهم قادرون عليه، لولا ذلك لما صح تمنيهم.
  وتدل على أنهم لا يردون وأنهم لو ردوا لما آمنوا.
  وتدل على أنه لو علم منهم الإيمان عند الرد لردوا، وقد استدل شيخنا أبو علي بالآية على أن من يعلم أنه يؤمن يجب تيقنه على ما يذهب إليه في ذلك، وليس كذلك؛ لأن في الآية أنهم لو ردوا لعادوا، وليس فيها لو لم يعودوا هل يجب الرد أم لا، ولا خلاف أن تبقية مَنْ يعلم أنه يَكْفُرُ تجوز، وتبقية من يعلم أنه يؤمن اختلفوا فيه، هل يجب الرد أم لا؟ قال أبو علي: يجب، وقال أبو هاشم: لا؛ لأن ابتداء التكليف تَفَضُّل.
  ومتى قيل: كيف يجوز الرد مع حصول علم الضرورة؟
  قلنا: ما هذا حاله لا يجوز أن يرد [ولو] رد من الموت إلى الحياة فلم يحصل لهم العلم بالدين ضرورة.
قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ٢٩}