قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 30 قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون 31 وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون 32}
  وتقديره: لرأيت أشد حال في النكال، وقال: الأولى جواب (إذ)، والثانية جواب السؤال، والثالثة جواب الإقرار.
  ويُقال: ما معنى (حتى) في قوله: «حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ»؟. وما عامل الإعراب فيها؟
  قلنا: معناها منتهى تكذيبهم بالحسرة يومِ القيامة، وعامل الإعراب فيها (كذبوا)، كأنه قيل: كذبوا إلى أن ظهرت الساعة بغتة، فَأتَوْا بالندامة يوم لا تنفع الندامة.
  ويقال: لِمَ جاز نداء الحسرة، وهي مما لا يعقل؟
  الجواب: قلنا: فيه قولان:
  الأول: لأنه بمنزلة الاستغاثة بها كأنه قيل: يا حسرة تعالي، فهذا أوانك، استغاثة المكروب بالبكاء والنحيب، فنودي توسعًا.
  الثاني: أنه خرج مخرج النداء لها عن النداء لغيرها - والمعنى على النداء لغيرها - تنبيهًا على عظم شأنها، وقال: بلى، ولم يقل: نعم؛ لأن (بلى) تكون في كلام تقدم فيه النفي، كقولك: ألم تذهب؟ فيقول: بلى.
  قوله: «أليس هذا بالحق» (ليس) من حروف الجحد، ودخلت عليها ألف الاستفهام، والضمير في قوله: «فرطنا فيها» قيل: يرجع على الساعة، عن الحسن وأبي علي وأبي مسلم، أي فرطنا في التقدمة لها، وقيل: على الصفة المدلول عليها في الكلام؛ لأن قوله: «خسر» يدل على الصفة، عن ابن جرير، قال علي بن عيسى: وهذا لا يصح؛ لأنه إذا صح العائد إلى مذكور لم يجز غيره؛ لأنه عدول عن الظاهر، وقيل: يعود على الطاعة أي: ما فرطنا في عمل الطاعة، وقيل: على الدنيا؛ أي: ما فرطنا في الدنيا من أعمال الآخرة، وقيل: على الجنة، يعني ما ضيعنا من عمل الجنة، عن السدي، والصحيح الأول؛ لأنه مذكور يقرب من الكناية.
  «الحياة» رفع ب (ما) وخبره «إلا لعب»، إلا أنك رفعت خبر (ما) لإدخالك عليه (إلا)