قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 30 قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون 31 وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون 32}
  كقولك: ما زيد إلا ذاهب. «وللدار الآخرة» أدخلت هذه اللام على الدار؛ لأنها لام الابتداء، وهي لام التوكيد، كقولك: لزيد أفضل من عمرو.
  · النظم: قيل: يتصل قوله: «ولو ترى» بقوله: «ويوم نحشرهم»، ثم قال: ولو ترى حالهم يَوْمَئِذٍ وما قالوا، عن الأصم، وقال أبو مسلم: ذكر في الآية الأولى وقوفهم على النار، ومعاينتهم أهوالها وما قالوه عندها، وذكر في هذه الآية وقوفهم للحساب، وتبكيت اللَّه إياهم على ما قالوا، وقيل: لما تقدم الحكاية عنهم جحدهم البعث وقولهم: لا حياة إلا الدنيا، بين أنهم إذا وقفوا على ما وعدوا من العقاب، وعاينوا البعث تيقنوا بطلان جحدهم واعترفوا بذنبهم.
  · المعنى: «وَلَوْ تَرَى» يا محمد، وقيل: يا أيها الإنسان «إِذْ وُقِفُوا» يعني حبسوا أي هَؤُلَاءِ المكذبين بالبعث، وذكر (إذ) لتحقيق ذلك كأنه واقع. «عَلَى رَبِّهِمْ» قيل: على حكمه وقضائه يوم القيامة، وقيل: على مسألة ربهم، وتقرير ما عملوا عليهم، وتوبيخهم على ما سلف من جحودهم فخرج الكلام مخرج ما جرت العادة به من وقوف العبد بين يدي سيده لمسألته بما في ذلك من الفصاحة والبلاغة مع الإفصاح بالمعنى والتنبيه على عظم الشأن، وقيل: وقفوا على ربهم أي علموه ضرورة، عن أبي علي، وقيل: وقفوا على الثواب والعقاب، فأشار إلى ما يلحقهم من الفضيحة عند المحاسبة ومعاينة النار والجزاء، وما تنطق به جوارحهم، وتشهد عليهم الحفظة تحذيرًا من مثل حالهم واستعدادًا لذلك المقام، «قَالَ» يعني اللَّه تعالى لهم، وجاء على لفظ الماضي للتحقيق، كأنه واقع، وقيل: تقول الخزنة لهم بأمر اللَّه تعالى «أَلَيسَ هَذَا بِالْحَقِّ» كما قالت الرسل، وهذا سؤال توبيخ وتقريع لا سؤال استخبار، وهذا إشارة إلى الجزاء والثواب والعقاب والحساب والبعث، «قَالُوا» يعني هَؤُلَاءِ الكفار أقروا مذعنين،