التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون 33 ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين 34}

صفحة 2214 - الجزء 3

  بن شريق وأبو جهل بن هشام فقال: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد أهو صادق أم كاذب، فليس ههنا أحد غيرنا؟ فقال أبو جهل: إنه لصادق، وما كذب محمد قط، لكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟ فنزلت الآية.

  وقيل: كان ذلك يوم بدر، وقال أبو زيد المدني: لقي رسول اللَّه ÷ أبا جهل فصافحه، فلقيه بعض الكفار فقالوا: صافحت محمدًا؟ فقال: واللَّه إني لأعلم أنه نبي صادق، ولكنا متى كنا تبعًا لعبد مناف؟ فنزلت الآية.

  وقال ناجية بن كعب: قال أبو جهل للنبي ÷: ما نتهمك ولا نكذبك، ولكننا نتهم الذي جئت به ونكذبه، فنزلت الآية.

  القول الثاني: قال مقاتل: نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب يكذب النبي ÷ في العلانية، وإذا خلا مع أهل بيته قال: ما محمد بأهل للكذب، ولا أظنه إلا صادقًا، ويقول للنبي: نحن نعلم أنك صادق، وإنَّمَا لا نتبعك خوفًا من العرب، فنزلت الآية.

  وقال الأصم: قيل: الآية في المشركين، وقيل: في أهل الكتاب، وهو الصحيح.

  · المعنى: لما تقدم ذكر تكذيبهم إياه بَيَّنَ تعالى أنه لا يمكنهم تكذيبه بحجة كما كذبهم فيما ادعوا بحجة، عن علي بن عيسى، وقيل: اتصل بما قبله تسلية له على تكذيبهم بعد إقامة الحجة عليهم، عن أبي مسلم، وقيل: لما تقدم ذكر تكذيبهم له، وذكر حزنه على ذلك بين أنهم يعلمون صدقك ويعلمون نبوتك، ولكن يجحدون يعني علماؤهم، وفي ذلك حجة عليهم، عن الأصم «قَدْ نَعْلَمُ» نحن يا محمد «إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ» تكذيبهم وافتراؤهم على اللَّه وعليك بتكذيبك «فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ» حججه «يَجْحَدونَ».