قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38 والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم 39}
  مفعولة، ولها صانع، وقيل: في شدة الحاجة إلى مدبر يدبرهم في أحوالهم، وأغذيتهم، وقيل: أمثالكم في أنهم يحشرون ويقضى بينهم، فيما لهم وعليهم، وأنها آجال معلومة، عن أبي مسلم، وقيل: «أمثالكم» في أنهم يتألمون ويتلذذون، فيجب ألّا يظلموا تحذيرًا من ظلمهم، ومنعًا من إيلامهم، إلا فيما ورد الشرع، وقيل: مثلكم في الآجال والأرزاق، وقيل: مثلكم في أن لها توالدا، وفيهم ذكور وإناث وأجناس، وقيل: أمثالكم في أنه أحصى أعمالها في اللوح المحفوظ كما أحصى أعمالكم، وقيل: أمثالكم في أنها خلقت لغرض صحيح نفيًا لظن من ظن أن الحشرات والسباع المؤذية لا فائدة فيها، ولا يجوز حمله على أنهم مكلفون؛ لأن نقصان عقولهم يمنع من ذلك، وكذلك لا يحمل على ما يحكى عن عطاء أنها أمثالكم في المعرفة والتوحيد «مَا فَرَّطنَا» ما قصرنا في البيان «فِي الْكِتَابِ» قيل: في اللوح المحفوظ، الذي كتب فيه الآجال والأرزاق والكائنات مصلحة للملائكة، حكاه الأصم، وقيل: القرآن؛ لأنه ذكر فيه جميع ما يحتاج إليه مجملاً أو مفصلاً أو نصًّا أو فحوى، أو استدلالاً أو تنبيهًا، أو تجويزًا، أو إحالة على سُنَّةٍ أو إجماع أو قياس أو اجتهاد، عن أبي علي والأصم، واختاره القاضي، وقيل: الكتاب: الأجل؛ أي ما تركنا شيئًا إلا وأوجبنا إليه أجلا ثم يحشرون جميعًا، عن أبي مسلم، «ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحشرونَ» قيل: يجمعون إلى الموقف يوم القيامة للجزاء بحيث لا يملك النفع والضر إلا اللَّه، عن أبي ذر وأبي هريرة والحسن وأبي علي، وقيل: حشرها موتها، عن ابن عباس والضحاك «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» بحججنا، قيل: بالقرآن، وقيل: بمحمد، ÷، وقيل: بسائر الحجج والبينات «صُمٌّ وَبُكْمٌ» الصم التي لا تسمع، والبكم التي لا تتكلم، ومعلوم أن أولئك الكفرة كانوا يسمعون ويتكلمون، فلا بد من تأويل، واختلفوا في معناه، قيل: هو معطوف على قوله: «يُحْشَرُونَ» أي يحشرون وهم على الحال التي كانوا عليها صمًّا بكمًا عميًا في الظلمات، عن أبي مسلم، وقيل: هو ابتداء كلام ووعيد لهم؛ أي: يحشر المكذب كذلك «صم»: جمع أصم، و «بكم»: جمع أبكم، وقيل: لأنهم عن منافع الدين