قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38 والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم 39}
  قلنا: ليوفر عليها الأعواض المستحقة، ولينتصف للمظلوم من الظالم، والمروي عن النبي ÷ أنه قال: «تحشر البهائم والدواب، ويقتص للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابًا، فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا».
  ويقال: هل كان يجوز ألا يحشروا؟
  قلنا: أما عند أبي هاشم فلو وفر عليها الأعواض في الدنيا أو كان بحيث لم يكن لها عوض كان يجوز ألا تحشر؛ لأن العوض منقطع، فيجوز أن يوفر عليها في الدنيا إلا أن السمع دل أن جميعها تحشر. فأما عند أبي علي فالأعواض دائمة فلا بد من الحشر، فأما ما لا عوض له فيجوز ألَّا يحشر عقلاً عنده إلا أن السمع دل على أنه يحشره.
  ويقال: الأعواض دائمة أو منقطعة؟
  فجوابنا: دائمة عند أبي علي وأبي الهذيل وجماعة، ثم رجع أبو علي، وقال: منقطعة، وهو قول أبي هاشم وأصحابه.
  ومتى قيل: فإذا كان الصحيح أنها منقطعة فإذا وفر عليها ماذا تفعل بها؟
  فجوابنا: يجوز أن يبطل حياتها بحيث لا يلحقها غم؛ لأن تبقيتها غير واجبة، ويجوز تبقيتها.
  ومتى قيل: أيوفر عليها الأعواض، وهم عقلاء أم لا؟
  قلنا: يجوز الوجهان، وإبقاء الأعواض لا يوجب كونها عاقلاً، فيجوز أن يصيروا عقلاء ويضطروا إلى المعرفة، ويجوز ألَّا يكونوا عقلاء فيوفر عليهم كالمجانين، ولا يقال: يجب أن يعلموا ما يوفر عليهم؛ لأنه لا يجب أن تعلم الأعواض ومقاديرها