قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38 والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم 39}
  بخلاف الثواب فإنه يستحق على وجه التعظيم فلا بد أن يعلم قصد المثيب فيما يعطي.
  ومتى قيل: فأي فائدة في إماتتهم؟
  فجوابنا: لا بد من فائدة، وإن لم يعلم تفاصيلها، وقيل: الفائدة يجوز أن تكون ما يلحق الكافر من الغم والحسرة حتى يتمنوا مثل حالهم، ويجوز أن يكون فيه سرور لأهل التفضل من الأطفال وغيرهم، ولا يكون عيبًا.
  ومتى قيل: فلو بقَّاهم فأي فائدة فيها؟
  فجوابنا: يجوز في كثير منهم أن يبقيهم ثوابا لأهل الجنة لحسن صورهم وأصواتهم، أو عقابًا لأهل النار كالمؤذيات.
  فإن قيل: فَمَنْ المكلَّف مَنْ يجب حشره عقلاً وسمعًا؟
  قلنا: من استحق الثواب فلا بد من حشره عقلاً، فأما أهل العقاب فيجوز ألَّا يحشرهم لأنه حق له فيجوز أن يسقطه، فأما من له عوض فعلى ما ذكرنا.
  ومتى قيل: فإذا كان المقصود من الحشر الانتصاف، فلو قدرنا ظالمًا لا عوض له فكيف يكون حاله؟
  فجوابنا: فيه ثلاثة أقوال:
  الأول: يعطيه اللَّه تعالى من فضله.
  الثاني: أنه لا يمكنه من الظلم إلا ويعلم أنه يأتي يوم القيامة مستحقًا من الأعواض ما يرضي خصومه.
  والثالث: لا يُمَكنُه إلا وهو في الحال مستحق للعوض.
  ومتى قيل: لا يجوز أن يموت حيوان لا عوض له؟
  قلنا: يجوز بأن يموت من غير ألم.