التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38 والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم 39}

صفحة 2229 - الجزء 3

  ومتى قيل: فالمكلف ما الذي يجب أن يحشر منه؟

  قلنا: اختلفوا فيه، قيل: على هيئته، وقيل: الاعتبار بالأجزاء التي يكون بها مُبَيّنًا من غيره، ولا اعتبار بالأطراف، وقيل: الأجزاء والتآليف، وقيل: الأجزاء والحياة.

  وأما الفصل الثالث: فتدل الآية أنه تعالى أزاح العلة للمكلف بالكتاب؛ لأن الظاهر يقتضي ذلك.

  ومتى قيل: كيف ذلك؟ وكثير من المسائل يُحتاج إليها، وليست بمذكورة فيه؟

  فجوابنا: ذلك على وجوه:

  منها: ما يعلم بالكتاب نصًّا.

  ومنها: ما يعلم بفحواه.

  ومنها: ما يعلم استدلالاً.

  ومنها: ما نبه على الرجوع إلى الإجماع.

  ومنها: ما دل على صحة القياس والاجتهاد، وإذا تدبرت هذه الأشياء وجدت [أنها] لا تخرج جميع مسائل الشرع أصولها وفروعها، دقيقها وجليلها عن ذلك.

  وتدل على أنه لا زيادة في الكتاب ولا نقصان، ولا تحريف؛ لأنه لو كان كذلك لما صح وصفه بما وصفه.

  ومتى قيل: إنه أطلق الشيء وكثير من الأشياء لم تذكر فيه، ولا نبه عليه؟!.

  فجوابنا أن ذلك مما لا يحتاج إليه فلا يعد تفريطًا.