قوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين 52 وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين 53}
  إلى هذا القول، عن أبي مسلم، والألف في قوله: «أهَؤُلَاءِ» ألف إنكار، وقد ذكرنا ما جاء في لام العاقبة من الآيات والشعر، نحو قوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} وكقول الشاعر:
  لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا للْخَرَابِ
  وقيل: هو لام (كي) أي ليقولوا: أهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّه عليهم؟ على الاستفهام لا على الإنكار، وذلك ليخبروا بحالهم فيما مَنَّ اللَّه عليهم، فيرغبوا في منزلتهم، عن أبي علي.
  · النزول: قيل: إن مَلأ من قريش مروا برسول اللَّه ÷، وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا: يا محمد، أرضيت بهَؤُلَاءِ من قومك؟ اطردهم، فلعلنا نتبعك، فنزلت الآية، عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وقتادة.
  وقيل: جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري، وجماعة من المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله ÷، فوجدوه خاليًا مع هَؤُلَاءِ من ضعفة المسلمين، وعليهم ثياب الصوف، فقالوا: لو نفيت هَؤُلَاءِ لجالسناك، فقال ÷: ما أنا بطاردهم، فقالوا: فاجعل لنا مجلسًا تعرف به العرب فضلنا، فإنا نستحيي من العرب أن يرونا مع هَؤُلَاءِ الأعْبُد، فإذا نحن جئناك أقمتهم فإذا فرغنا فاقعد معهم، واكتب لنا بذلك كتابًا، فَهَمَّ به النبُّي ÷، فنزل جبريل بهذه الآية إلى قوله: «بِالشَّاكِرِينَ». وعن سلمان وخباب قالا: فينا نزلت الآية.
  وقيل: قال عيينة بن حصن: إِنْ سَرَّكَ أن نتبعك فاطرد فلانًا وفلانًا فقد آذانا ريحهم، نحو بلال وسلمان، فنزلت الآية.