التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم 54 وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين 55}

صفحة 2252 - الجزء 3

  وقيل: نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة وسالم ومصعب بن عمير وحمزة وجعفر وعمار وجماعة من الصحابة عن عطاء.

  وقيل: إن جماعة جاؤوا إلى رسول اللَّه ÷ وقالوا: يا رسول اللَّه إنا أصبنا ذنوبًا كثيرة، فسكت عنهم، فنزلت الآية، عن أنس بن مالك.

  وقيل: إنها عامة في العرب والعجم كل من آمن، حكاه الأصم.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حكمه في الفريقين، وأمر رسوله بتعظيم المؤمنين الَّذِينَ سألوا طردهم بيانًا لفضلهم، وتفخيمًا لشأنهم، فقال سبحانه: «وَإِذَا جَاءَكَ» يا محمد «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ» يصدقون «بِآيَاتِنَا» بأدلتنا، قيل: بالقرآن، وقيل: بمحمد ومعجزاته، وقيل: بسائر آياته تعالى «فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيكُمْ» قيل: أمره أن يسلم عليهم من اللَّه تعالى، فهو تحية من اللَّه تعالى على لسان نبيه، عن الحسن، وقيل: أمر نبيه أن يسلم عليهم تكرمة لهم وتحية، عن أبي علي، وقيل: اقبل عذرهم واعترافهم وبَشّرْهم بالسلامة مما اعتذروا منه، عن ابن عباس، وقيل: أمره بحسن وعد من اللَّه لم [آمن] به عن أبي مسلم، وقيل: السلام هو اللَّه، ومعناه: اللَّه مطلع عليكم حافظ لكم ناصر إياكم «كَتَبَ» أي: [أوجب على نفسه الإنعام على خلقه]، وقيل: أوجب على نفسه إيجابًا مؤكدًا، وقيل: كتبه اللَّه في اللوح المحفوظ، وقيل: كتبه في القرآن، وقيل: قضى «رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» أي أوجب عليه، والنفس والذات بمعنى. «أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا» أي معصية «بِجَهَالَةٍ» قيل: كل من عمل معصية فهو جاهل، عن الحسن ومجاهد والضحاك، وقيل: إنه جاهل بمقدار ما [فاته من] الثواب وما استحقه من العقاب، وقيل: جهل حتى آثر المعصية على الطاعة، «ثُمَّ تاب» أي رجع وندم «مِنْ بَعْدِهِ» أي من بعد عمله «وَأَصْلَحَ» أي أصلح عمله بعد التوبة «فَأَنَّهُ غَفُورٌ» يغفر الذنب «رَحِيمٌ» يرحم بإيجاب الثواب له، وإنما شرط التوبة مع قوله: كتب على نفسه الرحمة؛ تنبيهًا على أنه يغفر للتائب لا محالة، وتحذيرًا من القنوط من الرحمة، وحثًا على التوبة، وزجرًا عن الإصرار، وفي قوله: «غَفُورٌ رَحِيمٌ» تمدح وتحقيق للرحمة عند المغفرة. «وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ» قيل: معناه