قوله تعالى: {قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين 57 قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين 58}
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟
  قلنا: قيل: لما اقترحوا عليه الآيات بَيَّنَ أولاً أنه على بينة من ربه بما ظهر من المعجزات، وبَيَّنَ أن ما استعجلوه ليس بيده، وإنما هو إلى اللَّه تعالى، وقيل: تتصل بما قبله فإنه قال: أعبد اللَّه، ولا أعبد غيره كما تعبدون، ثم بين أنه على بينة وحجة من ذلك فإنه لا بينة معهم.
  ويقال: كيف يتصل «واللَّه أعلم بالظالمين» بما قبله؟
  قلنا: اتصال النقيض بالنقيض، كأنه قال: أنا لا أعلم وقت عقوبتهم، وهو تعالى عالم بذلك فيؤخره إلى وقته، وهذا من حسن التصرف، وقيل: اللَّه أعلم بحالهم؟ فلا يعاقبهم وإن استعجلوا، بل يمهلهم؛ لأن منهم من يؤمن ويصلح.
  · المعنى: «قُلْ» يا محمد «إِنّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي» قيل: على حجة ومعجزة دالة على نبوتي، قيل: هو القرآن، عن أبي علي، وقيل: سائر معجزاته، وقيل: إني على حجة وبرهان في ما أدعو إليه من التوحيد والعدل، وقيل: على يقين من ربي لا أشك فيما يأتيني من عنده «وَكَذَّبْتُمْ بِهِ» قيل: بالقرآن، وقيل: بالبينات، وقيل: بربكم، وقيل: باليقين، ثم ابتدأ، فقال: «مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ» قيل: ما تطلبونه من العذاب قبل وقته كقوله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} وقال: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} عن الحسن، وقيل: هو اقتراح الآيات، عن الزجاج. «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ» يعني الحكم الذي يفصل بين المختلفين بإيجاب الثواب والعقاب، عن أبي علي، وقيل: الحكم الذي يفصل كل حق من [كل] باطل، وكلاهما على الإطلاق لا يوصف به غير اللَّه تعالى، وقيل: إذ الحكم أي الاختيار في إنزال الآيات إلا إلى اللَّه تعالى، والحكم يكون بمعنى الاختيار، يقال: احتكم في مال فلان «يَقُصُّ الْحَقَّ» بالصاد يعني يقوله