التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون 60}

صفحة 2265 - الجزء 3

  ليقضى أجل مسمى، فاللام تتصل بقوله: «ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ» أي يستوفي الآجال على استكمال صالح الأعمال إلا أنه صرف أحسن تصريف، فقَدَّم ما مِنْ أجله بعث بالنهار لأنه أهم، والعناية به أشد، عن علي بن عيسى.

  · المعنى: «وَهُوَ» يعني اللَّه تعالى «الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ» فيه قولان:

  الأول: يقبض أرواحكم عن التصرف عن جماعة من المفسرين: ابن عباس وأبي مسلم وعلي بن عيسى، وقيل: يقبضكم بالنوم كما يقبضكم بالموت، فشبههم إذا ناموا بالأموات التي لا تعقل، عن الأصم وأبي علي وجماعة، قال الأصم: وقد يقال للنائم: ما هو إلا ميت، وقال أبو علي: ينيمكم فتصيرون في قبضته لا تملكون تصرفًا، فلما منعه بالنوم عن التصرف صار كأنه في قبضته، وحقيقة قبض الروح لا تتأتى في النائم؛ لأنه حي فلا تزايله الروح، ولأن الروح هو النَّفس المتردد الذي يحصل في مخارق الإنسان من إجراء الهواء، وذلك حاصل في النائم، فأما النوم فاختلفوا فيه قيل: إنه معنىً يخلقه اللَّه تعالى فيه عن أبي علي وجماعة، وكذلك الموت قال القاضي: ولا سبيل في العقل إلى إثبات النوم جنسًا من العرض برأسه، وكذلك الموت لجواز أن يكون مات لبطلان حياته ببطلان بنية وتأليف تحتاج إليها الحياة، وكذلك السمع دل على معنى في قوله تعالى: {اَلَّذِى خَلقَ الموتَ وَالحياةَ} فأما أبو هاشم فإنه يقول: النوم ليس بمعنى، وكذلك الموت، وهو سهو في القلب، وزوال العلوم مع فتور الأعضاء. وعلى القولين الصحيح أنه شبه النوم واليقظة بالموت والبعث، وقيل: إنه مَثَلٌ، والمراد أنه يصرفكم فيها كما يشاء لا يمتنع عليه شيء عن تدبيره وقهره، عن الأصم. «وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ» أي كسبتم من الأعمال على التفصيل، فيجازي به، وقيل: الجرح الإثم، عن الأصم، وفيه تحذير للعبد