التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون 65 وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل 66 لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون 67}

صفحة 2275 - الجزء 3

  الكافرين، ونبه على الإنذار والإعذار، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ الكفار: «هُوَ» يعني اللَّه تعالى «الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ» يرسل «عَلَيكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ» قيل: الذي مِنْ فوقهم الرجم، والذي من تحت أرجلهم الخسف، عن سعيد بن جبير ومجاهد وأبي مالك، وقيل: الصاعقة من فوقهم والخسف من تحت أرجلهم، عن أبي مسلم، وقيل: الطوفَان من فوقهم والريح من تحت أرجلهم، وقيل: من فوقكم السلاطين والظَّلَمة، ومن تحت أرجلكم عبيد السوء، عن مجاهد، وقيل: من فوقكم الصيحة والحجارة والريح والطوفَان، ومن تحت أرجلكم المسخ والخسف والزلزلة، حكاه الشيخ أبو حامد، وقيل: من فوقكم أي من قِبَلِ كِباركم، ومن تحت أرجلكم مِنْ قِبَلِ من هو أسفل منكم، عن الضحاك. «أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا» أي يخلطكم فرقًا قيل: يضرب بعضهم ببعض بما يلقيه بينهم من العداوة، فيختلفون بالسيف والقتل، كما بين اليهود والنصارى، وقيل: يقوي فريقًا من الناس، فيدخل عليكم دياركم فيقتلوكم، والخطاب للكفار، عن أبي علي، وهو الصحيح؛ لأنه جمع بين العذاب المنزل والقتل بالسيف، وتمد حب القدرة عليه، وقيل: يلبسكم شيعًا يعني بالتكليف، فأمرهم بالنظر في الأدلة واتباع الحق، فبعضهم تبعها، وبعضهم يميل إلى الأهواء والتقليد، فعند ذلك يختلفون ويعادي بعضهم بعضًا «وَيُذِيقَ بَعْضَكمْ بَأْسَ بَعْضٍ» قيل: يخذلكم حتى يقتل بعضكم بعضًا، عن مجاهد: عذاب هذه الأمة السيف والفتن، وعذاب التكذيب الصيحة والزلزلة، وقيل: فيمن يستحق العقاب فيأمر بإذاقة البأس من يستحقه، كما أمر بالجهاد مع الكفار، وقيل: هو على العموم، وقيل: هو الأهواء المختلفة والفتن وسفك الدماء.

  ومتى قيل: فأي شيء يضاف إلى اللَّه تعالى من ذلك؟

  قلنا: ثلاثة أشياء:

  الأول: تسليط المحق على المبطل بالنصرة والتأييد.

  الثاني: أمر المؤمنين بقتال الكفار ومعاداتهم.

  الثالث: التخلية بينهم، فيقع القتال لضرب من المصلحة، فأما نصرة الكفار