التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين 68 وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون 69}

صفحة 2277 - الجزء 3

  لأن الكلام يدل عليه، ولأنه أبلغ في الوعيد، وقيل: سوف تعلمون صحة الخبر إذا استقر، وقيل: سوف تعلمون إذا بلغتموه أني جئتكم بالحق.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى قادر على ما المعلوم أنه لا يفعله، بخلاف قول كثير من الْمُجْبِرَة وغيرهم.

  وتدل على أن القدرة على خلاف المعلوم ليس بنقص ولا بجهل.

  وتدل على أنه لا يعجل بالعقوبة بل يؤخرها تأكيدا للحجة.

  وقوله: «لعلهم يفقهون» يدل على أنه أراد من الجميع أن يفقهوا خلافًا للمجبرة.

  وتدل على أن لكل وعد ووعيد موضعا يظهر حقيقته، ولا يجوز منه الخلف.

  وتدل على أن التكذيب فِعْلُهم، والتفقه فِعْلُهم، فيبطل قولهم في المخلوق.

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٦٨ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ٦٩}

  · القراءة: قراءة ابن عامر: «يُنَسِّيَنك» مشددة، والباقون بالتخفيف.

  · اللغة: الخوض: الدخول في الشيء على تلوث به، وأصله المشي في الماء، خضت الماء أَخُوضُهُ خوضًا وخياضًا.

  والإعراض: الذهاب عن الشيء، ونظيره: الصد، ونقيضه: الإقبال.

  والذكرى: حضور المعنى للنفس، وهو الذكر، قال أبو مسلم: الذكرى تحتمل