قوله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين 68 وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون 69}
  التذكر والتذكير، ومنه: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} أي التذكير، وقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} أي تَذكر. والشيء: ما يصح أن يعلم، ويخبر عنه.
  · الإعراب: يقال: ما موضع «ذكرى» من الإعراب؟
  قلنا: فيه قولان: النصب على ذكروهم ذكرى، والرفع على (ولكن هو ذكرى).
  · النزول: قيل: كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول اللَّه ÷ واستهزؤوا به، فنهى اللَّه سبحانه عن مجالستهم، قال ابن عباس: فلما نزلت هذه الآية قال المسلمون: فإنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم، فنزلت: «وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيءٍ» الآية، وروي عنه: أن المسلمين قالوا: قمنا عنهم إذا استهزؤوا بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، وأن نطوف بالبيت، فنزلت: «وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ».
  وقيل: كانوا يتواصون بينهم يقولون: إذا رأيتموه يصف دينه فالغوا فيه لعلكم تغلبون، عن الأصم.
  · المعنى: ثم إنه تعالى أمر بترك مجالستهم عند استهزائهم بالمسلمين وبالقرآن، فقال سبحانه: «وَإذَا رَأَيْتَ» أيها السامع، وقيل: الخطاب له ولغيره؛ لأن الخطاب عام «الَّذِينَ يَخُوضُونَ» قيل: يُكَذِّبون، عن الحسن وقتادة وسعيد بن جبير ومجاهد، والمراد خوض تكذيب واستهزاء، وقيل: يخوضون بالرد والاستهزاء «فِي آيَاتِنَا» قيل: القرآن، وقيل: حججنا «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ» أي اتركهم، ولا تجالسهم على سبيل الإنكار، عن أبي علي.