قوله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين 68 وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون 69}
  يُذَكِّرُوهم وعد اللَّه ووعيده، ويأمروا بالمعروف، وشهوا عن المنكر، وقيل: لكن يذكرونهم الحجج وحل الشبه «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» قيل: ليتقوا الكفر والاستهزاء؛ أي يجتنبوه، وقيل: ذكرهم راجيًا تقواهم، عن أبي مسلم، وقيل: لعلهم يتقون الاستهزاء إذا قمتم، وقيل: ذكروهم لعلهم يستحيون فيتقون الاستهزاء.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الإعراض عمن يخوض في آياته تعالى بالاستهزاء والتكذيب، وإذا وجب عليه فكذلك علينا؛ لأن التكليف عام إلا ما خصه الدليل، وإنما يجب الإعراض إذا كان لا يطمع في دعائهم، وربما تركوا الاستهزاء إذا قام؛ لأنهم ربما فعلوا ذلك مغايظة للمسلمين.
  وتدل على أنه يباح مجالسته إذا خاض في حديث يحل، فتدل أن وجوب الإعراض ليس لكفرهم، ولكن لظهور المنكر إذا لم يتمكن من النكير.
  وتدل على المنع من مجالس الظلمة والفسقة إذا أظهروا المنكر.
  وتدل على إباحة الدخول في مجالستهم لغرض، كما أباح للتذكير.
  وتدل على أن الإنكار واجب؛ لأن الإعراض إنكار.
  وتدل على بطلان قول الإمامية في جواز التقية على الأنبياء والأئمة حتى يظهروا المناكير تقية.
  وتدل على بطلان قولهم: إن النسيان على الأنبياء لا يجوز، عن أبي علي.
  وتدل على أن أحدًا لا يؤخذ بذنب غيره لذلك قال: «وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيءٍ».
  ويدل قوله: «وَلَكِنْ ذِكْرَى» على وجوب النكير.