التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 70}

صفحة 2281 - الجزء 3

  ويدل قوله: «لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» أنه يريد من الجميع الاتقاء، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  ومتى قيل: فلماذا يلزم القيام؟

  فجوابنا: لزوال التهمة، ولهذا لا يحل المقام في دار الحرب، فإن تمكن عن الإنكار، وزالت التهمة فلا حرج؛ ولذلك قال تعالى: «وَلَكِنْ ذِكْرَى».

  وتدل على وجوب الاستدعاء إلى الحق لقوله: «وَلَكِنْ ذِكْرَى».

  ومتى قيل: هل الآية التي رخص في مجالستهم، وهي قوله: «وَلَكِنْ ذِكْرَى» منسوخة؟

  قلنا: قيل: منسوخة، عن ابن جريج والسدي بقوله: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} وقيل: ليست بمنسوخة، وإنما هو في حال الذكرى، وعلى ما رتبنا لا نسخ في الآية.

قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ٧٠}

  · اللغة: البَسْلُ: قيل: أصله الحرام، وأنشد:

  بَكَرَتْ تَلُوُمكَ بَعْدَ وَهْنٍ في النَّدَى ... بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلاَمتِي وعِتَابي

  أي: حرام، يقال: هذا بَسْل عليك، وشراب بَسْلٌ أي محرم، وأَبْسَلْتَ المكان أي حرمته، فلم تقربه، وقيل: بل أصله الارتهان، ومنه يقال: أبسل بجريرته؛ أي