التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين 76 فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين 77 فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون 78 إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين 79}

صفحة 2302 - الجزء 3

  فدعاه وحلفه ألا يقرب أهله وبعثه، فلما دخل البلد، ورأى أهله لم يتمالك نفسه، فواقعها فحملت بإبْرَاهِيمَ.

  قال ابن عباس: قالت الكهنة لنمرود: إن الغلام الذي كنا نقول قد حملته أمه، فكان يأمر بذبح الغلمان، فلما دنت ولادة إبراهيم خرجت أمه هاربة فولدته، ولفته في خرقة، ثم أخبرت زوجها، فانطلق إليه فأخذه، وذهب به إلى سرب، وكانت أمه تختلف إليه.

  وقال السدي: بل حمل أبوه أمه إلى سرب، فولدت ثَمَّ، وقيل: كان تختلف أمه إليه، فكان يمص إبهامه، وقيل: نظرت أمه إلى أصابعه، فوجدته يَمُصُّ من أصبع ماء، ومن أصبع لبنًا، ومن أصبع عسلاً، ومن أصبع تمرًا، ومن أصبع سمنًا، عن أبي روق.

  وعن محمد بن إسحاق قال: إن أمه ولدته في مفازة، وكانت تختلف إليه، فسألها آزر عن حملها، فقالت: ولدت غلامًا ومات، فشب ولم يلبث إلا خمسة عشر يومًا حتى رجع إلى أمه، وقال: أنا ابنك، وقالت أمه: هو ابنك، ففرح بذلك، وقيل: لما شب قال لأمه: من ربي؟ قالت: أنا، قال: فمن ربك؟ قالت: أبوك، قال: فمن رب أبي؟ قالت: اسكت، ثم رجعت إلى آزر، وقالت: أرأيت هذا الغلام الذي كنا نحدث أنه يغير الدين هو ابنك، فأخبرته بقوله، فأتاه آزر، فقال إبراهيم: يا أبتاه من ربي؟ قال: أمك، قال: فمن رب أمي؟ قال: أنا، قال: فمن ربك؟ قال: نمرود، قال: فمن رب نمرود؟ فلطمه، وقال: اسكت، ثم أخرجاه من السرب، فرأى الإبل والخيل والغنم، فقال: ما هذه؟ قال: إبل وخيل وغنم، قال: لا بد أن يكون لها رب وخالق، ثم تفكر في السماوات والأرض فقال: الذي خلقني ورزقني ما لي إله غيره، ثم نظر إلى النجم وكان آخر الشهر، فرأى الكواكب قبل القمر، ثم رأى القمر، ثم رأى الشمس، فقال ما قال، ولما رأى قومه يعبدون الأصنام خالفهم وعاب آلهتهم وأديانهم، حتى فشا أمره، وجرت المناظرة والمحاجة.