التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين 5}

صفحة 211 - الجزء 1

  · الإعراب: اختلفوا في موضع الكاف في (إياك) قال الأخفش: لا موضع لها، وهي كلمة واحدة؛ لأن المضمر لا يضاف إليه، لأن المضاف لا بد أن يكون نكرة، و «إياك» في غاية التعريف، وقال الخليل: موضع الكاف خفض، وروي عن العرب: (إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشوابِّ) قال ابن السراج: هذا شاذ في القياس، والقول ما قال الأخفش.

  ومتى قيل: لم كررت إياك؟

  قلنا: لأنها قامت مقام الكاف في نعبدك ونستعينك، وذكر إياك؛ لأنه أفصح وأفخم، ولو قيل: نعبدك لم يكن فيه إفصاح بالمعنى؛ لما فيه من التأكيد، كأنه قال:

  نعبدك، ولا نعبد غيرك.

  ومتى قيل: لم قال: {مَالكِ} على لفظ الغائب، و (نعبد) على لفظ المخاطب؟

  قلنا: فيه إضمار، أي قولوا: إياك، وقيل: الإضمار عند قوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) (وَإِيَّاكَ). وقيل: من شأن العرب، أن تصرف من الغائب إلى الحاضر للتصرف كقوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} قال لبيد:

  باتت تشكي إلي النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا

  · المعنى: لما بين تعالى أنه مالك الدنيا والآخرة أمر بأن يُعْبَدَ دون غيره، ويستعان به فى دون غيره، فقال: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» أي نخضع لك، ونوجه العبادة إليك، «وِإيَّاكَ نَسْتَعِينُ» أي نطلب المعونة منك على عبادتك.

  ومتى قيل: ما الذي يجب على العبد أن يفعل حتى يصير فعله عبادة؟