قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين 58}
  كقولهم: سمعا وطاعة، أي أسمع سمعًا، وأطيع طاعة، كقوله: معاذ اللَّه، أي نعوذ بِاللَّهِ معاذًا، وقيل: تقديره سلوا اللَّه حطَّ ذنوبكم، عن أبي مسلم.
  ويُقال: ما وزن خطايا وتقديره؟
  قلنا: وزنه فعائل، وتقديره خَطَائِئُ، فقلبت الهمزة الأخيرة على حركة ما قبلها فصار خطَائي، ثم فعل به ما فعل «بزاوية»، حتى. قيل: زوايا، فصار خَطَاءَا، فاستثقلت الهمزة بين ألفين؛ لأنه بمنزلة ثلاث ألفات، فقلبت الهمزة ياء، فصار خطايا، وقال الخليل: وزنه «فَعَالَى» على قلب الهمزة.
  · المعنى: ثم ذكرهم تعالى نعمًا منه عليهم، وكفرًا لما قابلوا بها نعم اللَّه تعالى، فقال: «وَإذْ قُلنَا» يعني اذكروا إذ قلنا «ادخُلوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ» وهي بيت المقدس، عن قتادة ومجاهد وأبي علي، وقيل: أريحا قرية من قرى بيت المقدس، وهي قرية الجبارين، عن ابن عباس، وقيل: الشام، عن ابن كيسان، وقيل: الرملة وفلسطين، عن الضحاك، وقيل: إيليا، عن مقاتل، والأول الوجه لقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ}.
  «فَكُلُوا مِنْهَا حَيثُ شِئْتُمْ رَغَدًا» أي إن شئتم توسيعًا عليكم، «وَادْخُلُوا الْبَابَ»، قيل: باب حطة، من بيت المقدس عن مجاهد، وقيل: باب القبة الذي كان يصلي إليه موسى وبنو إسرائيل، قال أبو علي: والآية على قول من زعم أنها باب القبة أدل منها على قول من يزعم أنه باب القرية؛ لأنهم لم يدخلوا القرية في حياة موسى، ودل آخر الآية أنهم كانوا يدخلون الباب على غير ما أمروا به في أيام موسى؛ لأنه قال: «فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا» دل أن مخالفتهم كانت في أثر الأمر، وقيل: بابًا من أبواب القرية، وكان لها سبعة أبواب «سُجَّدًا» قيل: ركعًا، وهو شدة الانحناء، عن ابن عباس، وقيل: خاضعين متواضعين، وقيل: ادخلوا الباب فإذا دخلتموه فاسجدوا لله شكرًا، عن وهب، «وَقُوَلُوا حِطَّةٌ» قيل: معناه حط عنا ذنوبنا، أمروا بالاستغفار، عن الحسن وقتادة، وقيل: أمروا أن يقولوا: لا إله إلا اللَّه؛ لأنها تحط الذنوب، عن عكرمة،