قوله تعالى: {وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون 80 وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون 81}
  ويقال: ما موضع (أن) من الإعراب في قوله: «إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي»؟
  قلنا: قيل: نصب على تقدير: لكن أخاف مسبة ربي، و (إلا) ههنا بمعنى: (لكن)، والاستثناء منقطع، وقيل: الاستثناء حقيقة، وتقديره: لا أخافهم إلا أن يشاء ربي إحياءهم وإقدارهم.
  ويُقال: ما معنى (كيف) ههنا؟
  قلنا: استفهام، والمراد الإنكار؛ أي لا ينبغي أن أخاف ما لا ينفع ولا يضر. «عِلْمًا» نصب على التمييز.
  · المعنى: ثم ذكر تعالى محاجة إبراهيم مع قومه في بطلان ما هم عليه ليقتدى به، فقال سبحانه: «وَحَاجَّهُ قَوْمُهِ» أي خاصموه وجادلوه في الَّذِينَ، واختلفوا فيما احتجوا، فقيل: قالوا له: كيف خالفت دين آبائك وقومك وجئت بدين لا يُعْرَفُ؟ وقيل: قالوا: أما تخاف آلهتنا إذا خالفتها وخالفت ديننا أن تصيبك بخبل أو سوء؟ ذكر الوجهين أبو مسلم، وقيل: حاجوه في التوحيد وعبادة الأصنام، وأتوا بأحاديث مختلقة في أصنامهم يقولون: إن بني فلان تركوا عبادة الأصنام فهلكوا، وبني فلان عبدوها فاستغنوا، نحو استدلالات جهال العوام، عن أبي علي، وقيل: حاجوه في دينهم وأي الأديان أولى، «قَال» إبراهيم: «أَتُحَاجُّوني فِي اللَّهِ» أي في توحيده، وهو خالق السماوات والأرض، وقيل: في دين اللَّه الذي بَيَّنَهُ لي، وأقام الأدلة عليه، وقيل: أتحاجوني بالتخويف من الأصنام التي لا تنفع ولا تضر «وَقَدْ هَدَانِي» أي أرشدني وعرفني الدين والتوحيد والحق، «وَلاَ أَخاف مَا تُشرِكُونَ بهِ» قيل: معناه لا أخاف هذه الأصنام التي تخوفونني؛ لأنها لا تنفع ولا تضر، عن أبي علي وأبي مسلم وأكثر المفسرين، وقيل: لا أخاف شرككم لأنه تعالى لا يعاقبني بذلك، برئت من شرككم،