التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين 84 وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين 85 وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين 86}

صفحة 2312 - الجزء 3

  تنفير؛ ولأن تَحَمُّلَ الرسالة درجة عظيمة، وقد أكد السمع ما دل العقل عليه، واتفقت الأمة على أن نبوة المفضول لا تجوز عقلاً.

  واختلفوا في إمامة المفضول، فمنهم من قال: لا تجوز عقلاً وسمعًا، ومنهم من قال: تجوز عقلاً إلا أن السمع مَنَعَ منه، ومنهم من قال: تجوز عقلاً وسمعا إذا كان هناك عذر، وهو مذهب مشايخنا، ومنهم من قال: تجوز من غير عذر.

  وتدل على أن ولد الأم يجوز أن يضاف إلى الأم؛ لأنه جعل عيسى من ذرية إبراهيم.

  وتدل على أنه يجوز أن يقال: الحسن والحسين ابنا رسول اللَّه ÷، وقد ثبت أن النبي ÷ كان يقول للحسن والحسين: «يا بني»، وقال للحسن: «ابني هذا سيد» وكانت الصحابة يقولون لهما ولأولادهما: يابن رسول اللَّه ÷ فذلك كالإجماع، وروي أن الحجاج دعا يحيى بن يعمر، وبين يديه شيفٌ مسلول، وقال: أنت تزعم أن الحسن والحسين ابنا رسول اللَّه ÷ لتأتيني بالمخرج أو لأضربن عنقك؟ فقال: إن أتيتك بالمخرج فأنا آمن؟ قال: نعم. فتلا هذه الآية، ثم قال: أيهما أبعد بين عيسى وإبراهيم أم بين الحسن والحسين وبين رسول اللَّه ÷؟ فقال الحجاج: ما أراك إلا قد أمنت وولاه القضاء، ومن ينكر ذلك أنكره تعصبًا.

  وتدل على أن الهبة جائزة، ولا خلاف أن الهبة عقد جائز في الشرع، وهو عقد على ما لا بدل له، فإن شرط العوض كان ابتداؤه ابتداء الهبات، وانتهاؤه انتهاء البياعات، حتى يجب القبض، وتثبت الشفعة وينقطع الرجوع، وفي اشتراط التسليم قال أبو حنيفة والشافعي: يشترط، وقال مالك والهادي: ليس بشرط، وهبة المشاع في ما لا ينقسم لا يجوز عند أبي حنيفة، ويجوز عند الشافعي، فإن وهب ولم يسلم حتى مات فالفقهاء على أن الوارث لا يُجْبَرُ على التسليم، وقال الهادي: يجبر لأنه عقد لازم، وإذا وهب لأجنبي فله الرجوع، ولو وهب لذي رحم محرم لم يجز له الرجوع، وعند الشافعي: يرجع فيما وهب لولده فقط.