التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون 91}

صفحة 2318 - الجزء 3

  رجل من اليهود جاء إلى النبي ÷ وخاصمه، فقال النبي ÷: «أنشدك بِاللَّهِ أما تجد في التوراة أن اللَّه يبغض الحَبْرَ السمين» وكان حبرًا سمينًا، فغضب، وقال: ما أنزل اللَّه على بشر من شيء، فلما رجع إلى قومه عاتبوه، فقال: (أغضبني فلذلك قلت ما قلت، عن سعيد بن جبير، [والسدي]).

  ثم اختلفا: فقال سعيد: اسمه مالك بن الصيف، وقال السدي: فنحاص بن عازوراء.

  وقال الأصم: كانوا أناسا من اليهود منافقين أراد اللَّه أن يفضحهم، فجاء جبريل، وقال: سلهم هل تجدون في التوراة ذلك، فسألهم فأنكروا أن ينزل اللَّه على بشر شيئًا، فتبرأ منهم اليهود، ونزلت الآية.

  وقيل: جاء ناس من اليهود إلى النبي ÷ وقالوا: يا محمد، ألا تأتينا بكتاب من السماء جملة، فنزلت الآية، عن ابن عباس ومحمد بن كعب والربيع بن أنس. وهذه الآية وما بعدها مدنية، وضعت في هذه السورة، وهي مكية.

  وقال بعضهم: بل نزلت في مشركي قريش قالوا: ما أنزل اللَّه على بشر من شيء، عن مجاهد.

  · المعنى: ولما تقدم ذكر النبوة وإنكارهم لها عقبه بالتهجين لهم، فقال سبحانه: «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» قيل: ما عظموه حق عظمته، عن الحسن وأبي علي والفراء والزجاج. وقيل: في إنكارهم إرسال بشر؛ لأنه إخراج الملائكة عن حكم سائر الخلق عن أبي مسلم. وقيل: ما آمنوا بأن اللَّه على كل شيء قدير، عن ابن عباس. وقيل: لأنهم كذبوه في ما أنزل من الوحي، وقيل: لأنهم أنكروا اللطف، وهو قبيح. «إِذْ قَالُوا