قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون 93}
  كل من كذب وافترى على اللَّه من اليهود والنصارى والمشبهة، وكل من كذب في توحيده وعدله، وأضاف إليه ما لا يجوز، أو وصف فعله بما لا يليق به، أو قال في شرائعه فهو داخل فيه «أَوْ قَال أُوحِيَ إِلِيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيهِ شَيءٌ» أي: يدعي الوحي ولا يأتيه، ولا يجوز في حكمته أن يبعث كذابًا «وَمَنْ قَال سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ» أي: آتي بمثل ما أتى، قيل: مسيلمة ومن نحا نحوه، وقيل: من ادعى المعارضة، والأحسن في هذا أن يقال: لا أحد أظلم ممن كذب في عدل هو توحيده، أو كذب عليه في النبوات، أو كذب عليه في الوحي والشرائع، فلا يكون تكرارًا، وكل واحد وقع موقعه، «ولَوْ تَرَى» يا محمد، وقيل: أيها السامع «إِذِ الظَّالِمُونَ» قيل: الكافرون الَّذِينَ تقدم ذكرهم «فِي عمَرَاتِ الْمَوْتِ» أي: شدائد الموت عند النزع، وقيل: في أشد العذاب في النار، عن الحسن وأبي علي، «وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ» قيل: بالضرب، وقيل: بالعذاب، عن الحسن والضحاك والأصم وأبي علي، وقيل: بقبض الأرواح، عن أبي مسلم «أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ» أي ويقولون لهم: أخرجوا أنفسكم، قيل: من عذاب النار على جهة التوبيخ، عن الحسن وأبي علي والأصم. وقيل: أخرجوا أرواحكم تستريحوا من العذاب، كما يقال لمن يجزع: انزع روحك، وذلك مبالغة في الاستخفاف، وقيل: المراد أنهم يخرجون أرواحهم على كره منهم، فحالهم كحال من تولى إزهاق نفسه إكراهًا له، فهو أغلظ «الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ» قيل: يوم القيامة في النار، وقيل: عند النزع «عَذَابَ الْهُونِ» أي: الهوان، ثم بين الوجه في استحقاقهم لذلك فقال: «بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّه غَيرَ الْحَقِّ» أي: بقولكم الباطل «وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ» أي: استكبروا عن قبول الحق والدين والآيات.
  · الأحكام: تدل الآية على عِظَمِ فِعْلِ هذه الأمور الثلاثة:
  منها: الكذب على اللَّه، فيدخل فيه كل مبطل.
  ومنها: ادعاء النبوة كذبا، فيدخل فيه كل متنبئ.
  ومنها: ادعاء القدرة على مثل القرآن.