قوله تعالى: {إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون 95 فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم 96}
  و «فالق» إذا أضفت حذفت النون، وكسرت (الحب)، ويجوز «فالقٌ» بالتنوين فحينئذ ينصب الحب؛ لأنه مفعول، ونصب (الشمس والقمر) و (حسبانًا) بجاعل، تقديره: وجعل الشمس والقمر حسبانًا.
  · المعنى: عاد الكلام إلى الاحتجاج على المشركين بعجائب صنعه، ولطائف تدبيره، فقال سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى» قيل: شق الحبة، وأنبت منها النبات، وشق النوى، وأنبت منه النخل والشجر، عن الحسن وقتادة والسدي وابن زيد وأبي علي، وقيل: خالق الحب والنوى، ومبدئها ومنشئها، عن ابن عباس والضحاك، كأنه ذهب بفالق إلى معنى خالق وفاطر، وقيل: أراد الشقين اللذين في الحب والنوى واستواءهما، عن أبي مسلم، وهو قول مجاهد، وإنما [خص الحب] والنوى تنبيهًا على [كمال] قدرته، وتمام حكمته، فإنها [مع شدتها] يخرج منها نبات، ثم لا يزال ينمو، ثم ينعقد فيه الحب، فسبحانه، ما أعظم شأنه، وقيل: [أشار بالحب] إلى جنس الأرزاق، وبالنوى إلى جنس الفواكه تنبيهًا على نعمه تعالى على خلقه، ومبينًا أن المستحق للعبادة هو وحده «يُخْرِجُ الْحَي مِنَ الْمَيّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ» قيل: الإنسان من النطفة، والنطفة من الإنسان، عن ابن عباس، وقيل: الطير من البيض والبيض من الطير، عن أبي علي، وقيل: النبات من الحب والحب من النبات، عن السدي وأبي علي، وقيل: الكافر من المؤمن، والمؤمن من الكافر، عن الحسن والأول الوجه، وكذلك الثاني؛ لأنه حمل الكلام على حقيقة الحياة «ذَلِكُمُ اللَّه» يعني ذاك الذي خلق هذه الأشياء أيها الناس هو اللَّه ربكم وخالقكم فاعبدوه دون غيره «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» أي: تصرفون عن الحق، وتذهب بكم هذه الأدلة الظاهرة إلى الباطل، وقيل: كيف تكذبون في جعل الأوثان آلهة، عن أبي علي، وقيل: أنَّى تكذبون أنه لا يبعثكم بعد الموت، ولا يقدر عليه، عن الأصم. قال أبو مسلم: وتصرفون وإن كان على ما لم يسم فاعله فهو على مذهب العرب فلانٌ معجب بنفسه، وليس هناك غيره، والمراد: أين تصرفون عن عبادته، وتعدلون عنه. «فَالِقُ الْإِصْبَاحِ» أي: شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل وسواده، وقيل: خالق الصباح، عن الضحاك «وَجَعَل اللَّيلَ