قوله تعالى: {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون 97 وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون 98}
  سَكَنًا» أي: جعل الليل لسكون الخلق، فيسكن فيه كل متحرك، فنبه تعالى على عظيم نعمه بأن جعل الليل للسكون والنهار للتصرف، ودل تعاقبهما على عظيم قدرته، وتمام نعمته، ونبه بذلك على حدثهما، فقال سبحانه: «وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا» أي: جعلهما يجريان بحسبان لا يجاوزانه حتى ينبهنا إلى أقصر منازلهما، قال شيخنا أبو علي: فتقطع الشمس جميع البروج في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما، والقمر في ثمانية وعشرين يوما، فبُنِيَ عليهما الأيام والليالي، والشهور والأعوام، وقيل: بحسبان في زيادة كل واحد ونقصانه لما في ذلك من مصالح العباد في معاملاتهم وتواريخهم، ومقادير الأشياء وأوقاتها، والآجال، وأوقات العبادات، وأمور الدنيا، وغير ذلك «ذَلِكَ» أي: ما تقدم ذكره «تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» أي: مثل ذلك لا يصح إلا من قادر يقدر على ما يشاء، وعالم بجميع الأشياء يفعل بحسب ما يعلم من المصالح، ويدبر على موجب الحكمة، والعزيز: القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، ولا يغالبه أحد.
  · الأحكام: الآيات جامعة للحجاج والتنبيه على عجائب خلقه، وعظيم نعمه، وحسن تدبيره، وأنه المستحق للعبادة وحده، من حيث خلق أصول النعم التي لا يقدر عليها غيره كالخلق والإحياء، وخلق الأوقات والأقوات وغيرها، وتنبيه على بطلان قول كل ملحد ومشرك، ودليل على إثبات الواحد المقتدر المنعم بضروب النعم المدبر بأحسن التدبير والتقدير.
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٩٧ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ٩٨}