التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون 100 بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم 101}

صفحة 2344 - الجزء 3

  «بديع» رفع على الابتداء، (أنَّى) بمعنى (كيف).

  · النزول: قيل: نزلت الآيات في الزنادقة، قالوا: اللَّه وإبليس شريكان، فاللَّه خالق النور والناس والدواب وكل خير، وإبليس خالق الظلم والسباع والعقارب والحيات، عن الكلبي، وهَؤُلَاءِ هم المجوس.

  وقيل: إن الآية نزلت فيهم، وقيل: لقولهم: إن إبليس تولد من فكرة اللَّه، وقيل: من شكه، وقال بعضهم: لقولهم: إنه تعالى خالق الأجسام النافعة، وإبليس خالق الأجسام الضارة.

  وقيل: نزلت في مشركي العرب، قالوا: الملائكة بنات اللَّه، عن قتادة والسدي وابن زيد وأبي علي، ودليله قوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} يعني الملائكة.

  وقيل: فيهم وفي اليهود والنصارى حيث قالت اليهود: عزير ابن اللَّه، وقالت النصارى: المسيح ابن اللَّه.

  · المعنى: عاد الكلام بعد الاحتجاج عليهم بالدلائل المتقدمة في أنفسهم وسائر ما يشاهد إلى ذكر التعجيب من كفرهم مع هذه البراهين الواضحة والرد عليهم، فقال سبحانه: «وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ» قيل: هم المشركون، و «الْجِنَّ» الملائكة سموا بذلك لاستتارهم عن الأعين، عن قتادة والسدي، وقيل: أراد بالجن الشياطين؛ لأنهم أطاعوا الشياطين في عبادة الأوثان، عن الحسن والزجاج؛ لأنهم لما اتبعوهم أحلوهم محل الآلهة، وفيه تعجيب عن ادعائهم شركاء من الجن.

  ومتى قيل: فعبادة حَجَرٍ أعجب؟