قوله تعالى: {وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون 100 بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم 101}
  قلنا: ولكن لما لم يروا الشياطين، ومع ذلك عبدوها واتخذوها آلهة كان أعجب، وأما [إدعاء] البنين فهو قول اليهود والنصارى، عن قتادة والسدي وابن زيد وأبي علي. «وَخَلَقَهُمْ» أي: خلقهم جميعًا الإنس والجن، وقيل: وخلق الجن «وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ» يعني: قالوا ما لم يعلموا من الكذب على اللَّه بوصفه بالبنين والبنات، عن أبي علي، وقال أبو عبيدة: اختلقوا من كفره مكذبًا، وقيل: كذبوا، عن قتادة ومجاهد وابن جريج وابن زيد وأبي عمرو «بِغَيرِ عِلْمٍ» يعني: قالوا في وصفه بذلك ما لم يعلموه، ولم يكن له حقيقة، عن أبي مسلم، وقيل: معناه قالوا ذلك بغير علم، إن هذا لا يجوز على القديم سبحانه فهو أدخل في الذم، عن علي بن عيسى، وقيل: بغير حجة، عن الأصم. «سُبْحَانَهُ» قال أبو مسلم: كلمة «سبحان» تجمع بين التنزيه والتعجب عند العرب؛ أي: هو منزه عما قالوا، «وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ» أي: هو أعلى من أن يوصف بما وصفوه به، وإنما صار اتخاذ الولد نقصًا؛ لأنه لا يخلو من الولادة أو التبني وكلاهما يوجب التشبيه، ومن أشبه المحدَث فهو على صفة نقص «بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ» أي: مبدعها ومنشئها ابتداء لا من شيء ولا على مثال «أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ» يعني كيف يكون له ولد، ولا صاحبة له.
  ومتى قيل: أي تعلق لخلق السماوات والأرض بنفي الولد؟ وأي تعلق لنفي الصاحبة بنفي الولد؟
  قلنا: لأن الولد يقتضي الجنسية، ويدل على الحدث، ويوجب كونه جسمًا، والجسم لا يقدر على الجسم، والخالق قديم يقدر على فعل الجسم، ولا يشبه شيئًا، ولا تجوز عليه الحاجة، وأما الثاني لأن كل من جاز عليه الولد جازت عليه الصاحبة، فلما استحال عليه الصاحبة استحال الولد.
  «وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ» يعني كل شيء مخلوق «وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ».
  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا يجوز عليه الصاحبة والولد، وهذا يُعلم عقلاً، والشرع ورد مؤكدًا.