قوله تعالى: {قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ 104 وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون 105}
  ويقال: ما معنى اللام في قوله: «وليقولوا»؟
  قلنا: فيه ثلاثة أقوال:
  قيل: لام النفي على تقدير: لئلا يقولوا درست فحذفه، كقوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} أي: لئلا تضلوا، وكذلك: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}.
  وقيل: هي لام العاقبة، كقولهم: كتب فلان هذا الكتاب لحتفه، عن الزجاج، ومنه:
  لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ
  وتقديره: كان عاقبة أمرهم حين رأوا الآيات أن قالوا: دارست.
  وقيل: لام كي، أي: ليقولوا - إقرارا -: إنك قرأت ذلك علينا، ودرست ودارست «فَعَلْتُ وفَاعَلْتُ».
  · المعنى: ثم بَيّنَ تعالى أنه بعد هذه الآيات قد أزاح العلة، فإن اتبعوها انتفعوا بها، وإن أعرضوا عنها كان وبالهم عليهم، فقال سبحانه: «قَدْ جَاءَكُمْ» أيها الناس «بَصَائِرُ» بينات ودلالات يبصرون بها الهدى من الضلال، ويميزون بها بين الحق والباطل، ووصف البينة بأنها جاءت تفخيمًا لشأنها توسعًا كما يقال: أقبل السُّعُود وأدبر النُّحوس، وقيل: البينات القرآن عن الكلبي، وقيل: سائر الحجج «فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ» أي: من عرف الحق وأمر به واتبع البصائر فلنفسه عمل، وحظها أصاب، «وَمَنْ عَمِيَ» أي: من لم ينظر فيها، ولم يعرف الحق «فَعَلَيْهَا» أي: على نفسه وباله، وإياها ضر «وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ» أي: رقيب على أعمالكم حتى أجازيكم بها عن الحسن، وقيل: «حفيظ»