قوله تعالى: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون 110}
  وقيل: يتصل بقوله: «لا يؤمنون» فنقلب أفئدتهم في نار جهنم جزاء كما لم يؤمنوا أول مرة، ونذرهم في الدنيا على ما هم عليه، فبين حالهم في الدنيا والآخرة، عن أبي علي.
  وقيل: يتصل بقوله: «لا يؤمنون» مع أنا نقلب أفئدتهم وأبصارهم في حجج اللَّه وآياته التي يشاهدونها، عن الأصم.
  · المعنى: اختلفوا في معنى قوله: «وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ» على حسب ما ذكرنا في النظم، والأفئدة: القلوب. والأبصار: الأعين، فقال أبو مسلم: أقسموا بِاللَّهِ لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها، واللَّهم قلب قلوبهم وأبصارهم عالم بما فيها، ويعلم أنهم إذا جاءتهم الآيات لا يؤمنون، وقال شيخنا أبو علي: نقلب قلوبهم وأبصارهم على لهب جهنم عقوبة؛ لما لم يؤمنوا بها أو لمرة في الدنيا، وعن أبي بكر الأصم: نقلب أفئدتهم وأبصارهم بالحجج والأدلة التي نوردها عليهم، يعني أنا نورد الأدلة فتتقلب قلوبهم في ذلك، ولا تستقر على ما هم عليه، وقيل: نقلب أفئدتهم وأبصارهم بالحيرة التي تعم وتزعج، وقيل: نقلب أفئدتهم عن المراد، واعتقاد النجاة، وأبصارهم عن رؤية اللذات؛ لأنهم لم يؤمنوا به أول مرة، وقيل: معناه أن قلوبهم مقلوبة لما اعتقدوا الباطل، وتركوا الحق، ولم يكن لهم لطف يردهم إلى الحق فلم يتعهد اللَّه يعني قلوبهم بالألطاف كما يتعهد قلوب المؤمنين به من الألطاف فتبقى مقلوبة، فلذلك أضاف إلى نفسه، وقال: نقلب، حكى الوجهين شيخنا أبو حامد في تفسيره، وهذا كما يقال لرجل لا يتعاهد سيفه وأرضه: أصديت سيفك، وحزنت أرضك، وهذا ظاهر، والصحيح ما ذكره الشيخ أبو علي؛ لأنه تعالى جمع بين القلب والعين، وجميع ما ذكروه يتعلق بالقلب؛ لأن الاعتقادات والعلوم في القلب، ولا مدخل للبصر في ذلك، ولأنه ذكر ذلك على سبيل الجزاء، ولأنه ذكر (نُقَلِّبُ) في الاستقبال لا على الماضي، وهو الذي اختاره قاضي القضاة، «كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ»، قيل: لا يؤمنون ثاني مرة لو رأوا الآيات كما لم يؤمنوا أول مرة، عن ابن عباس ومجاهد وابن