التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين 114}

صفحة 2373 - الجزء 3

  وتدل على أن الرسول متى بلغ فلا شيء عليه إن خالف قومه.

  وتدل على أن الإصغاء والارتضاء المذكور في الآية قبيح على الوجهين حمل على التهديد أو على الاتصال ب (يوحي)، فتدل على أن الاستماع لكل قبيح يقبح، هذا إذا كان الغرض قبوله، أو هو المقصود، فأما إذا استمع إلى شبهة ليجيب عنها ونحو ذلك، فلا يقبح، وفيه إشارة إلى نصرة النبي ÷، والوعد له، والوعيد لهم؛ لأن قوله: «وَلِيَقْتَرِفُوا» بمنزلة قوله: ليفعلوا ما شاؤوا، فالعاقبة لك وللمؤمنين بك.

قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ١١٤}

  · القراءة: قرأ ابن عامر وحفص: «مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ» مشددة الزاي من التنزيل، وهو قراءة الحسن؛ لأنه أنزله نجومًا مرة بعد مرة، وقرأ الباقون «مُنْزَلٌ» بالتخفيف من الإنزال.

  · اللغة: الابتغاء: الطلب، بغيت الشيء أبغيه: طلبته، وبغيتك الشيء: طلبته لك، وأبغيتكه: أعنتك على طلبه، والبغية: الحاجة.

  والحكم أصله المنع، ومنه: حَكَمَةُ الدابة، ومنه قول جرير:

  أَبَني حَنِيَفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ ... إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ أَنْ أَغْضَبَا