قوله تعالى: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين 118 وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين 119 وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون 120}
  والإبطان والإخفاء والإسرار نظائر، والباطن: الكائن على صفة يتعذر معها إدراكه، إذا كان يدرك بالحاسة.
  والكسب: طلب الرزق، يقال: كسبت أهلي خيرًا، وكسب الرجل مالاً، وهذا مما جاء على فعلته ففعل، ويقال: أكسبته مالاً؟ قال الشاعر:
  فَأَكَسَبَنيِ مَالاً وَأَكَسَبْتُهُ حَمْدَا
  وإنما يوصف به العبد دون القديم سبحانه وتعالى؛ لأنه مما لا يجوز عليه النفع والضر. والكسب إنما يستعمل في جلب المنافع ودفع المضار، فحد الكسب ما يُفْعَل لاجتلاب نفع، والفرق بينه وبين الخلق أن الخلق إحداث الشيء على تقدير، وقيل: إحداثه اختراعًا، والفعل ما حدث عن قادر، فأما ما تقوله الأشعرية والنجارية في الكسب فغير معقول؛ لأنهم يقولون: إن الفعل بجميع جهاته وجد بالقديم سبحانه، فلم يبق للعبد تأثير إلا أنه محل الفعل.
  فإن قالوا: هو ما حله مع القدرة عليه، وهذا أوجه ما يحدون به الكسب.
  يقال لهم: ما معنى قولكم مع القدرة عليه؟ أَعَلَى إحداثه؟ فهو ما نقول، أو إيجاده أو اكتسابه فيفسرون الكسب بالكسب، ثم وإنْ كان معقولاً فهو فاسد؛ لأنه إذا خلق اللَّه تعالى الفعل، والعبد يضطر إلى اكتسابه، فيكون الكسب أيضًا لله تعالى.
  · الإعراب: يقال: ما معنى الفاء في قوله تعالى «فكلوا»؟
  قلنا: قيل: فيه جواب للمشركين لما عابوا المسلمين في ترك أكل الميتة، فكأنه قيل: أَعْرِضوا عن جهلهم فكلوا، وقيل: إنه عطف على ما دل عليه أول الكلام، أي إن أردتم أن تكونوا على الهدى فكونوا على هذا فكلوا.