قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون 125 وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون 126}
  وتلخيص الكلام: أنه تعالى يفعل بِمَنْ يكلفه ما يريح عليه، فيدله ويبين له ويخطر بباله الأدلة حتى ينشرح قلبه، ويضل من يضل عن آياته بجعل صدره ضيقًا حرجًا بما ابتلاه به من فراق دينه المألوف من اعتقاده واتباع غيره.
  الرابع: من يرد اللَّه أن يهديه؛ لأنه طالب الحق ويريد ما يشرح صدره بالآيات والدلائل ليتفهمه، ومن يرد أن يضله؛ لأنه كافر يريد تأكيد الكفر يجعل صدره ضيقًا لاستحالة أن يشرح صدره بالآيات، مع أنه طالب لتأكيد الكفر، عن علي بن عيسى.
  الخامس: «فَمَنْ يُرِدِ اللَّه أَنْ يَهْدِيَهُ» يعني زيادات الهدى والألطاف من أجل اهتدائه «يَشْرَحْ صَدْرَهُ» وذلك الشرح هو المراد، ومن يرد أن يضله عن زيادات الهدي المفعول للمؤمنين يضيق قلبه؛ لأنه أصلح له حتى يقلع عن الكفر المألوف، وهذا قريب مما قدمناه، حكاه شيخنا أبو حامد، فهذا ما قيل في معنى الآية. ونعود إلى تفسيره.
  «فَمَنْ يُرِدِ اللَّه أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صدرهُ» أي: يوسع قلبه «لِلإِسْلامِ»، «وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ» قلبه «ضَيِّقًا حَرَجًا» قيل: الحرج أضيق الضيق عن الأصم، وقيل: قلقًا، عن النضر بن شميل، وقيل: قلب المنافق كالشجر الملتف، لا يصل إليه شيء من الخير، عن عمر وابن عباس «كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ» كأنما كُلّف الصعود إلى السماء بالدلائل التي تدعوه إلى خلاف مذهبه، وقيل: كأنه لا يجد مسلكًا إلا صُعدًا، عن سعيد بن جبير، وقيل: كأنما ينزع قلبه إلى السماء لشدة المشقة عليه في مفارقة مذهبه، وقيل: كأن قلبه يصعد في السماء نُبُوًّا عن الحق أي: يتباعد في الهرب منه، عن الزجاج. «كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّه الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُون» قيل: ما لا خير فيه، عن مجاهد، وقيل: العذاب، عن ابن زيد، وقيل: الغضب، عن أبي مسلم. «وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا» لا تناقض فيه ولا خلل ولا عوج «قَدْ فَصَّلْنَا» بينا «الآياتِ».
  الحجج «لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ» أي: يتذكرون.
  · الأحكام: في الآية أحكام لا تناقض فيها:
  فمنها: الكلام في الإرادة.