قوله تعالى: {لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون 127 ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم 128 وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون 129}
  لاستحقاقكم فهو حكيم عالم بما قدمتم وأخرتم، عن أبي مسلم، «وَكَذَلِكَ» الكاف للتشبيه أي: كذلك المَهَلِ تخليةُ بعضهم مع بعض للامتحان الذي يصح معه الجزاء على الأعمال «نُوَلِّي» أي: يتولى بعضهم أمر بعض؛ للعقاب الذي يجري على الاستحقاق، عن علي بن عيسى، وقيل: كما خذلنا الجن والإنس [وأحللنا] بهم العذاب، كذلك نولي بعض الظالمين بعضًا، فلا يجدون ملجأً إذا عصوا اللَّه، حكاه شيخنا أبو حامد، وقيل: كما خلينا بين الجن والإنس كذلك خلينا بعض الظالمين بعضًا «نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا» قيل: نكل بعضهم إلى بعض في اليسرة والمعونة في الحاجات، كأنه لما بَيَّنَ أنه تعالى تولى أمور المؤمنين بَيَّنَ أن الكفار لا ينصرهم ولا يواليهم، ولكن يكل بعضهم إلى بعض، وقيل: يجعل بعضهم يتولى القيام بأمر بعض، وقيل: يخذلهم حتى يتسلط بعضهم على بعض، وقيل: هو من ولاء المحبة؛ أي: كما تحابوا وتعاونوا في المعصية يجعل بعضهم أولياء بعض في الآخرة في النار أي: يحكم بذلك، وقيل: هو من الموالاة بالتتابع في النار عن قتادة؛ أي: يلي بعضهم بعضًا، أي: الرؤساء يقدمون والأتباع يلونهم، وقيل: يجعل بعضهم أولياء بعض بالحكم كما أن المؤمِنِينَ بعضهم أولياء بعض، عن سعيد وقتادة، وقد قيل:
  إن ذلك يكون في الآخرة يعلمون أنه لا ناصر لهم، وقيل: في الدنيا، وروي عن النبي ÷ حاكيًا عن ربه: «أفني أعدائي بأعدائي، ثم أفنيهم بأوليائي» «بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» أي: جزاء على أعمالهم السيئة.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الثواب يستحق بالعمل.
  وتدل على أنه يتولى المؤمنين في الدنيا بالنصرة، وفي الآخرة بالإثابة.
  وتدل على وجوب الانقطاع إليه وأن تُسْأَلَ النصرة منه.